تنبيهات : الأوّل : أورد على هذا الحدّ أنّه لا يتناول المبدل الّذي بعد إلا مثل : ما قام أحد إلا زيد ، فإنّ زيدا بدل من أحد ، وليس نسبة من أنسب إليه من عدم القيام مقصودة بالنسبة إلى زيد ، بل النسبة المقصودة بنسبة ما نسب إلى أحد نسبة القيام إلى زيد ، وأجيب بأنّ ما نسب إلى المتبوع هاهنا القيام ، فإنّه نسب إليه نفيا ، ونسبة القيام بعينه إلى التابع مقصودة ، ولكن إثباتا ، فيصدق على زيد أنّه تابع مقصودة نسبته بنسبة ما نسب إلى المتبوع ، فإنّ النسبة المأخوذة في الحدّ أعمّ من أن تكون بطريق الإثبات أو النفي ، ويمكن أن يقصد بنسبته إلى شيء نفيا نسبته إلى شيء إثباتا ، فيكون الأوّل توطئة للثاني.
الثاني : قال بعض المتأخّرين عدّ البدل تابعا ظاهر على القول بأنّ عامله عامل المبدل منه ، أمّا على القول بأنّ عامله مقدّر من جنس عامل المبدل منه فلا ، إذ لا يصدق عليه حقيقة التابع اصطلاحا ، كما لا يخفي ، فينبغي أن يحمل جعله تابعا على المسامحة لمكان الشبه الصوريّ ، انتهى.
قلت : وإلى هذا أشار شارح المصباح (١) ، حيث قال : إنّ البدل لكونه مقصودا في الكلام ومستقلّا بنفسه ، كأنّه ليس من التوابع إلا من جهة اللفظ دون المعنى ، وهو أربعة أقسام.
أنواع البدل : الأوّل : بدل الكلّ من الكلّ ، وهو الّذي يكون ذاته عين ذات المبدل منه ، وإن كان مفهوما هما متغايرين ، نحو : قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ* صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الحمد / ٦ و ٥] ، وقوله : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً* حَدائِقَ وَأَعْناباً) [النبأ / ٣٢ و ٣١].
والتعبير ببدل الكلّ من الكلّ للجمهور ، وعبّر عنه ابن مالك في منظومته بالبدل المطابق ، وقال في شرح الكبرى : وهو أولى ، لأنّها عبارة صالحة لكلّ بدل يساوي المبدل منه في المعنى بخلاف العبارة الأخرى ، فإنّها لا تصدق إلا على ذي أجزاء ، وذلك غير مشترط للإجماع على صحّة البدل في أسماء الله كقراءة غير نافع وابن عامر : (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ* اللهِ) [إبراهيم / ٢ و ١] ، وعبّر عنه في شرح التسهيل ببدل الموافق من الموافق ، وبعض المغاربة يقول : بدل الشيء من الشيء.
__________________
(١) المصباح في النحو للامام ناصر بن عبد السّيّد المطرزي النحويّ المتوفى سنة ٦١ ه ق ، شرحه كثير من العلماء. كشف الظنون ٢ / ١٧٠٨.