الفرق بين بدل الكلّ من الكلّ وعطف البيان : تنبيه : قال الرضيّ : أنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جليّ بين بدل الكلّ من الكلّ وعطف البيان ، بل لا أري عطف البيان إلا البدل ، كما هو ظاهر كلام سيبويه ، وما قالوه من أنّ الفرق بينهما أنّ البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعة بخلاف عطف البيان ، فإنّه بيان ، والبيان فرع المبيّن ، فيكون المقصود هو الأوّل ، فالجواب أنّا لا نسلم أنّ المقصود بالنسبة في بدل الكلّ هو الثاني فقط ، ولا في سائر الإبدال إلا الغلط ، فإنّ كون الثاني فيه هو المقصود بها دون الأوّل ظاهر ، انتهى.
قال المحقّق الجرجانيّ : الظاهر أنّهم لم يريدوا أنّه ليس مقصودا بالنسبة أصلا ، بل أرادوا أنّه ليس مقصودا أصليّا ، والحاصل أنّ مثل قولك : جاءني أخوك زيد ، إن قصدت فيه الإسناد إلى الأوّل وجئت بالثاني تتمّة له توضيحا فالثاني عطف بيان ، وإن قصدت الإسناد إلى الثاني ، وجئت بالأوّل توطئة مبالغة له في الإسناد فالثاني بدل ، وحينئذ يكون التوضيح الحاصل به مقصودا تبعا ، والمقصود أصالة هو الإسناد إليه بعد التوطئة ، فالفرق ظاهر ، كما حقّقه المتأخّرون ، انتهى.
وقال شارح التهذيب للمصنّف : إنّ الرضي لمّا فهم من تعريف ابن الحاجب أنّ المتبوع في البدل لا يكون مقصودا أصلا اعترض عليهم بما اعترض ، وحكم بعدم الفرق الجليّ ، ولله درّ المصنّف حيث سلم ممّا وقع فيه ابن الحاجب وأوقع غيره بأوجز عبارة ، انتهى.
يعني أنّ المصنّف أشار إلى الفرق الّذي ذكره المحقّق المذكور في تعريفه للبدل بقوله : المقصود أصالة ، فسلم من تداخل القسمة الّذي اعترض به الرضيّ ، لكنّه قال في اللآلى الدريّة : هذا الفرق لا يجدي نفعا في بعض الأمثلة ، كما إذا كان الثاني لمجرّد التفسير بعد الإبهام مع أنّ في الأوّل فائدة مقصودة ، ليست في الثاني ، وهي الإبهام ، نحو : مررت برجل زيد ، فإنّ زيدا ذكر مفسّرا لرجل ، إذ هو دالّ على ما دلّ عليه رجل مع زيادة التعريف ، فليس الأوّل منهما توطئة للثاني ، بل كلّ منها مقصود ، فإنّ الإبهام مقصود لذاته (١) ، والتفسير كذلك ، فعدم ظهور الفرق الجليّ بين عطف البيان وبدل الكلّ ثابت ، كما ذكره الرضيّ ، انتهى ، فتأمّل.
والثاني : بدل البعض من الكلّ ، وهو الّذي يكون ذاته بعضا من ذات المبدل منه ، وان لم يكن مفهومه بعضا من مفهومه ، سواء كان ذلك البعض نصفا أم أقلّ أم أكثر على الصحيح.
__________________
(١) سقطت «فإنّ الإبهام مقصود لذاته» في «س».