شرط عمل المصدر : الثاني : يشترط لعمل المصدر أمورا.
الاوّل : أن لا يصغّر ، فلا يقال : أعجبني ضريبك زيدا ، لأنّ التصغير من خصائص الأسماء ، فيبعد به عن الفعل ، وهذا الشرط مجمع عليه.
الثاني : أن لا يحدّ بالتاء أو التثنية أو الجمع ، فلا يقال : أعجبتني ضربتك أو ضربتاك أو ضرباتك زيدا ، لأنّ الفعل يصدق على القليل والكثير ، والمصدر إنّما عمل لمشابهته له أو أصالته أو نيابته عنه ، فروعي فيه أن لا يبعد عنه بالتحديد بما ذكر ، وما ورد في كلامهم ممّا يخالف ذلك فشاذّ ، لا يقاس عليه ، قاله ابن مالك.
الثالث : أن لا يتبع بنعت أو غيره قبل العمل فلا يقال : أعجبني ضربك الشديد زيدا ، لأنّه مع معموله كموصول مع صلته ، فلا يفصل بينهما ، وأما قول الحطيئة [من البسيط] :
٦٠٤ ـ أزمعت يأسا مبينا من نوالكم |
|
ولن ترى طاردا للحرّ كاليأس (١) |
فمن متعلّق بيئست محذوفا لا بيأسا ، كما توهّمه بعضهم ، فإن اتبع بعد العمل جاز كقوله [من الخفيف] :
٦٠٥ ـ إنّ وجدي بك الشديد أراني |
|
عاذرا فيك من عهدت عذولا (٢) |
الرابع : أن لا يكون مضمرا ، فلا يقال : ضربي زيدا أحسن ، وهو عمرا قبيح ، لأنّه بالإضمار يبعد عن مشابهة الفعل ، وأجاز ذلك الكوفيّون ، واستدلّوا بقول زهير [من الطويل] :
٦٠٦ ـ وما الحرب إلا ما علمتم وذفتم |
|
وما هو عنها بالحديث المرجّم (٣) |
قالوا : فعنها متعلّق بالضمير العائد إلى الحديث المفهوم من السياق ، وتأوّله البصريّون على تعليق عن بمحذوف ، أي أعني عنها ، وفيه نظر ظاهر.
وأجاز أبو على في رواية الرمانيّ وابن جنيّ إعماله مضمرا في المجرور ، وجماعة في الظرف ، وأجاز الرضيّ إعماله فيها. قال ابن عقيل : وأطلق النّحويّون النقل عن الكوفيّين في إعمالهم ضمير المصدر مع اختلاف النقل في إعمال صريحه.
الخامس : أن لا يكون محذوفا ، لأنّه يكون كحذف الموصول مع بعض الصلة وإبقاء البعض ، إذ هو مع معموله كموصول (٤) مع صلة. قال ابن هشام في شرح القطر : ولهذا
__________________
(١) اللغة : أزمعت : عزمت وصممت ، النوال : النصيب والعطاء.
(٢) لم ينسب هذا البيت إلى قائل معين. اللغة : الوجد : العشق ، عذولا : فعول بمعنى الفاعل : أي عاذل ، أو هو صيغة مبالغة معناه الشديد العذل والعذل : اللوم والتعنيف على ما تفعله.
(٣) اللغة : الذوق : التجربة ، والحديث المجرم : الّذي يرجم فيه بالظنون ، أي يحكم فيه بظنونها.
(٤) سقطت «إذ هو مع معموله كموصول» في «ح».