ومنها أنّ منصوبها المعرفة مشبه بالمفعول به ، ومنصوب اسم الفاعل مفعول به ، وقد ذكروا فروقا أخري غير هذه ، لا نطول بذكرها ، وفيما ذكرناه كفاية.
أحوال معمول الصفة المشبهة : هذه «تبصرة» في بيان أحوال معمول الصّفة المشبهة في الإعراب ، و «لمعمولها ثلاث حالات» :
أحدها : «الرفع بالفاعلية» بالاتّفاق ، وحينئذ فالصفة خالية عن الضمير ضرورة ، إذ لا يكون للشيء فاعلان ، نحو : زيد حسن وجهه : قال الفارسيّ : أو على الإبدال من ضمير مستتر في الصفة يعود على موصوفها بدل بعض من كلّ ، ولم يذكره المصنّف لضعفه ، قال في التصريح : ويردّه حكاية الفرّاء : مررت بامرأة حسن الوجه ، وحكاية الكوفيّين : بامرأة قويم الأنف ، وأنّه يجوز مررت برجل مضروب الأب بالرفع ، ولا يصحّ في هذا أن يكون بدل كلّ ولا بعض ولا اشتمال ، انتهى.
وأيضا حينئذ الردّ بالأوّل أنّه لو كان الوجه بدلا من ضمير مستتر في حسن لوجب تانيثه ، لأنّ المسند إذا رفع ضمير مؤنّث وجب تأنيثه ، وقس عليه.
الثاني : والحالة الثانية «النصب على التشبيه بالمفعول به إن كان معرفة» إمّا بأل ، نحو : زيد حسن الوجه ، أو بالإضافة ، نحو : حسن وجهه بنصب الوجه ، وذلك لأنّ هذا المعمول المعرفة لا يصحّ أن يكون مفعولا لتلك الصفة ، لأنّها من فعل لازم ، ولا يصحّ أن يكون تمييزا ، لأنّه معرفة ، والتمييز لا يكون إلا نكرة على الأصحّ ، فلمّا لم يصحّ فيه المفعولية ولا التمييز ، حملوه على التشبية بمفعول اسم الفاعل في نحو : الضارب الرجل ، بنصب الرجل ، فأعطوا الصفة المشبهة حكم اسم الفاعل في نصب المعمول ، كما أعطوه حكمها في جرّ المضاف إليه حيث قالوا : الضارب الرجل بالجرّ حملا على الحسن الوجه ، فحصل بينهما تعارض ، «وعلى التمييز إن كان نكرة» : نحو : زيد حسن وجها.
وهذا التفضيل هو مذهب البصريّين ، وبه جزم ابن الحاجب ، وهو الحقّ ، وفي المسألة ثلاثة أقوال أخر : أحدها : أنّ النصب على التمييز مطلقا ، وهو رأي الكوفيّين بناء على رأيهم من جواز وقوع التمييز معرفة. قال ابن بابشاذ في شرح الجمل : ويحكى هذا القول عن أبي على قال : لأنّ التعريف هنا لا يفيد شيئا ، فهو بمترلة تعريف الأجناس كعسل والماء. الثاني : إنّه على التشبيه بالمفعول به مطلقا ، وليس بشيء ، لأنّ التشبيه بالمفعول أنّما صيّر إليه مع المعرفة للضرورة ، وأمّا مع النكرة فلا ضرورة تدعو إليه مع إمكان وجه جار على القياس ، وهو النصب على التمييز. الثالث : إنّه على التشبيه