المختلفة ، مستعرضا آراء النحاة واللغويّين ، مقارنا بينها بدقّة ، ردّا لبعضها ، موافقا للبعض الآخر. ويمكن القول هنا : إنّ هذا الكتاب يشبه «مغني اللبيب» لابن هشام ، إلا أنّه أكمل منه ، ومن حيث مقارنته بين النّحويّين وآرائهم واختلافاتهم ما جعله يشبه كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف» لابن الأنباريّ.
ومع أنّ كتاب الفوائد الصمديّة يعتبر كتابا كاملا في علم النحو ، لكن اتّسامه بالإيجاز الشديد جعله بحاجة إلى شرح وبسط ، حتّي يتمكّن الطالب من فهم القواعد النحويّة بسهولة ، وقد اهتمّ السّيّد على خان بذلك ، ومن هذه الناحية يمكن القول : إنّ هذا الكتاب ملأ فراغا في المكتبات والجامعات والحوزات العلميّة.
أسلوب التصحيح : إنّ تحقيق النصوص أمانة دينيّة وعلميّة وأخلاقيّة ، وعلى المحقّق إثبات ما قاله المصنّف ، خطأ كان أم صوابا ، وأن لا ينصب نفسه حكما على هذه النصوص ، فيبيح لنفسه تصحيحها أو تبديلها بنصوص أخرى ، وعليه أن يكدّ ذهنه ليصل إلى النص السليم الّذي كتبه المصنّف. ويجب أن يقارن بين النسخ المتعدّدة للوصول إلى الصواب. فالمقارنة بين النسخ المتعدّدة لها أهميّة خاصّة في كشف صحّة ما كتبه المصنّف ، وربّما تكون ضرورة للإضافة من هذه النسخ للنسخة الأصليّة ، تقتضيها سلامة النص كإتمام نقص أو تصحيح تحريف أو تصحيف أو سقط كلام ، ويأتي هذا بعد اختيار نسخة كأساس بعد دراستها دراسة علميّة دقيقة ، ثمّ مقارنتها بالنسخ الأخرى ، والإشارة إلى الفروق بين النسخ في حاشية الكتاب مع تحرّي الدقّة في عدم إضافة أيّ لفظ أو تغيير أيّ عبارة من النسخة الأصليّة ، أللهمّ إلا لضرورة علميّة لا مناص منها ، فعندئذ يلجأ المحقّق إلى الإضافة أو التبديل مستعينا بالنسخ الأخرى ، ولا يتمّ ذلك إلا بعد التمحيص الدقيق.
يعتبر تصحيح الكتب وتحقيقها من أشقّ الأعمال وأكبرها تبعة ، ولقد بيّن الجاحظ أبو عمرو في كتاب الحيوان ذلك أفضل تبيين ، فقال : ولربّما أراد مؤلّف الكتاب أن يصلح تصحيفا ، أو كلمة ساقطة ، فيكون إنشاء عشر ورقات من حرّ اللفظ وشريف المعاني أيسر عليه من إتمام ذلك النقص ، حتّي يردّه إلى موضعه.
وبعد اختيار تصحيح مخطوطة «الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة» بدأت بجمع النسخ المتعدّدة للكتاب ، وحصلت على أربع نسخ ، وبعد مطالعتها ، اخترت أكمل النسخ وأقدمها تاريخا ، وجعلتها «المخطوطة الأم» ، وأصلا وأساسا في التصحيح.