متعلّقة بمحذوف ، دلّ عليه أبيض المذكور ، والتقدير : ماؤه أبيض صفاء ، وأخلص من اللبن ، انتهى.
وسمع أيضا هو أسود من حنك (١) الغراب ، وأمّا قول المتنبي يخاطب الشيب [من البسيط] :
٦٤١ ـ إبعد بعدت بياضا لا بياض له |
|
لأنت أسود في عيني من الظّلم (٢) |
فقال ابن هشام في المغني : إنّ من الظلم صفة لأسود لا متعلّق به ، أي أسود كائن من جملة الظلم ، وكذا قوله [من الكامل] :
٦٤٢ ـ يلقاك مرتديا بأحمر من دم |
|
ذهبت بخضرته الطّلي والأكبد (٣) |
«من دم» إمّا تعليل ، أي أحمر من أجل التباسه بالدّم ، أو صفة ، كأنّ السيف للكثرة التباسه بالدم صار دما ، انتهى.
قال الدمامينيّ في شرحه الظاهر : إنّ المتنبيّ إنّما قصد التفضيل بناء على مذهب الكوفيّ ، لأنّه كوفيّ (٤) ، والكوفيّون يجوّزون بناءه من السواد والبياض ، فلا حرج عليه في ارتكاب طريقته وطريقة أصحابه وتخريج المصنّف مفوت لغرضه من كون الشيب عنده أشدّ سوادا من الظلم ، انتهى.
كيفيّة استعمال اسم تفضيل : هذه «تتمّة» لباب اسم تفضيل ، تشتمل على بيان كيفيّة استعماله في التركيب وأحكامه وأعماله ، و «يستعمل» اسم التفضيل وجوبا على أحد ثلاثة أوجه :
«إمّا» مقرونا «بمن» جارّة للمفضول ، وعند سيبويه وغيره لابتداء الارتفاع في نحو : زيد أفضل من عمر ، ولابتداء الانحطاط في نحو : زيد شرّ من عمرو ، وعند ابن مالك للمجاوزة ، كأنّه قيل : جاوز زيد عمرا ، وهو أولى من قول سيبويه وغيره ، إذ لا يقع بعدها إلى ، قال ابن هشام : وقد يقال : ولو كانت للمجاوزة لصحّ في موقعها عن ، ودفع بأنّ صحّة وقوع المرادف موقع مرادفه أنّما هو إذا لم يمنع من ذلك مانع ، وها هنا منع منه مانع ، وهو الاستعمال ، فإنّ اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجرّ إلا من خاصّة.
__________________
(١) الحنك : المنقار.
(٢) اللغة : إبعد : فعل أمر بمعنى اهلك.
(٣) لم يسمّ قائله. اللغة : بأحمر : أي بسيف أحمر ، والخضرة هنا : السمرة أو غبرة تخالطها دهمة يريد بها : لون السيف ، الطلي : جمع طليه وهي العنق.
(٤) سقطت «لأنّه كوفيّ» في «ح».