ويدلّ على ذلك أنّ المرفوع والمنصوب ممّا لا مدخل للجرّ فيه ، وإنّما يذهب منه التنوين لا غير ، فعلى هذا القول إذا قلت : نظرت إلى الرجل الأسمر ، أو أسمركم ، فالأسمر باق على منع صرفه وإن انجرّ ، لأنّ الشبه قائم ، وعدم الصرف الّذي هو التنوين معدوم ، وعلى القول يكون الاسم منصرفا ، لأنّه لمّا دخله الألف واللام والإضافة ، وهما خاصّة للاسم بعدا عن الأفعال ، وغلبت الاسميّة فانصرف ، انتهى.
ثمّ المعتبر في الاسم الّذي لا ينصرف من شبه الفعل أن يكون فيه فرعيّتان عن تسع ، إحداهما من جهة اللفظ ، والأخرى من جهة المعنى ، أو فرعيّة واحدة تقوم مقامهما ، كما أنّ في الفعل فرعيّتين عن الاسم ، إحداهما من جهة اللفظ ، وهي اشتقاقه من المصدر ، والأخرى من جهة المعنى ، وهي افتقاره إلى الاسم الّذي به يكون كلاما ، وحيث أشبه الاسم الفعل ، أو كان فرعا له بالاعتبار المذكور ، كان مثله في امتناع ما يمنع فيه من الجرّ والتنوين أو التنوين وحده على الخلاف.
أسباب منع الاسم من الصرف : إذا عرفت ذلك فنقول : موانع الصرف وتسمّى عللا وأسبابا بالاستقراء تسعة وهي :
١ ـ العجمة ، وهي في لسان العرب فرع العربيّة ، إذ الأصل في كلّ كلام أن لا يخالطه لسان آخر.
٢ ـ والجمع ، وهو فرع الواحد.
٣ ـ والتأنيث ، وهو فرع التذكير ، لأنّك تقول : قائم ، ثمّ تقول : قائمة.
٤ ـ والعدل ، وهو فرع المعدول عنه ، لأنّ الأصل بقاء الاسم على حالة.
٥ ـ التعريف ، وهو فرع التنكير ، لأنّك تقول : رجل ، ثمّ تقول : الرجل ، ولا يخفى أنّ المعروض لأل هو رجل المطلق ، لا رجل المجرّد عن أل ، وهو النكرة ، وكذا المعروض للتاء قائم المطلق ، لا قائم المجرّد عن التاء ، وهو المذكّر ، فالفرعيّة في التأنيث والتعريف وهميّة ، والفرعية المعتبرة في منع الصرف أعمّ من الوهميّ والحقيقية ، كذا قال بعض المحقّقين.
٦ ـ وزيادة الألف والنون ، وهي فرع المزيد عليه.
٧ ـ والتركيب وهو فرع الإفراد.
٨ ـ ووزن الفعل ، وهو فرع وزن الاسم ، لأنّ الأصل في كلّ نوع أن لا يكون فيه الوزن المختصّ بنوع آخر ، فإذا وجد فيه ذلك الوزن كان فرعا لوزنه ، والمراد