جعلت الاسم مسندا فلا مسند إليه ، وإن جعلته مسندا إليه فلا مسند ، وأمّا نحو : يا زيد ، فلسدّ «يا» مسدّ أدعو ، خلافا لأبي علي (١) حيث جعل ذلك كلاما.
وذهب ابن طلحة (٢) إلى أنّ اللفظة الواحدة وجودا وتقديرا قد تكون كلاما ، إذا قامت مقام الكلام ، وجعل من ذلك نعم ولا في الجواب ، وهو خلاف المشهور ، والصحيح ما مرّ. فعلم أنّ مدار الكلام على المسند والمسند إليه ، وأن تأتي من أكثر منهما ، وله أربع صور ، جملتان أمّا شرط وجزاء ، نحو : إن قام زيد قمت ، أو قسم وجوابه ، نحو : أحلف بالله لزيد قائم ، وفعل واسمان ، نحو : كان زيد قائما ، أو ثلاثة ، نحو : علمت زيدا قاضيا ، أو أربعة ، نحو : أعلمت زيدا عمرا فاضلا ، فصور تاليف الكلام ستّة.
انقسام الكلام إلى خبر وإنشاء : تنبيهان : الأوّل : ينقسم الكلام إلى خبر وإنشاء ، لأنّه إن احتمل التصديق والتكذيب ، كان خبرا ، وإلا فانشاء ، والأصحّ انحصاره فيهما ، كما عليه الحذّاق من النّحاة وغيرهم وأهل البيان قاطبة.
وذهب كثير إلى انقسامه إلى خبر وطلب وانشاء. قالوا : لأنّ الكلام أمّا أن يحتمل التصديق والتكذيب أولا ، الأوّل الخبر ، الثاني إن اقترن معناه بلفظه فهو الإنشاء ، وإن لم يقترن بل تأخّر عنه فهو الطلب.
والمحقّقون على دخول الطلب في الإنشاء ، وأنّ معنى «إضرب» مثلا وهو طلب الضرب مقترن بلفظه ، وأمّا الضرب الّذي يوجد بعد ذلك ، فهو متعلّق الطلب لا نفسه. قال بعض المحقّقين ونعم ما قال : لك أن تجعل الخلاف بين من ثنّى القسمة وثلّثها لفظيّا ، فمن ثنّاها جعل لفظ الطلب إن قال : إنّ الكلام خبر وطلب ، كابن مالك في الكافية ، أو لفظ الإنشاء إن قال : إنّه خبر وإنشاء لمعنى واحد ، وهو ما لا يحتمل التصديق والتكذيب ، غير أنّ له قسمين متحالفين ما يتأخّر وجود معناه عن وجود لفظه ، وما يقارن وجود معناه وجود لفظه ومن ثلّثها جعل لفظ الطلب اسما للقسم الأوّل من ذلك المعنى ولفظ الإنشاء للقسم الثاني منه ، انتهى.
__________________
(١) أبو علي الحسن بن أحمد بن عبد الغفّار بن محمد بن سليمان الفارسيّ من أئمة النحو ، ولد في إيران وعاش في بغداد ، أخذ عن ابن السّراج والزّجاج وأخذ عنه ابن جني ، من تصانيفه : الإيضاح في النحو ، أبيات الإعراب ، وتوفي سنة ٣٧٧ ه المصدر السابق ، ١ / ٤٩٦.
(٢) محمد بن طلحه المعروف بابن طلحة كان إماما في صناعة العربية درس العربية والآداب باشبيلية أكثر من خمسين سنة ، ومات سنة ٥٤٥ ه. المصدر السابق ، ١ / ١٢١.