الثاني : مدار وزن الفعل المصدّر بواحدة من زوائده على وجودها ، فلو تغيّرت صورته مع وجودها أو وجود بدلها الّذي لا يلزم إبدالها به لم يقدح في وزن الفعل ، فالأوّل كاحمير ، والثاني كهراق وهرق علمين ، فإنّ الهاء وإن كانت ليست من زوائد الفعل ، إلا أنّها مبدلة من الهمزة إبدالا غير لازم ، فلم يضرّ ، لأنّ الأكثر في الاستعمال أراق وأرق.
الصفة : «والصفة» ويقال : الوصف أيضا ، وهو كون الاسم دالّا على ذات مبهمة مع بعض صفاتها «تمنع صرف الاسم الموازن للفعل» كما مرّ آنفا «بشرط كونها الأصل فيه» ، أي بحسب الوضع احترازا عن نحو أرنب بمعنى ذليل ، لأنّ وضعه للحيوان المعروف ، فلا أثر لما طرأ عليه من الوصفيّة ، كما لا أثر لما طرا من الاسميّة في أدهم للقيد من الحديد ، وأسود للحيّة السوداء ، وأرقم للحيّة الّتي فيها نقط سود بيض.
وربّما اعتدّ بعضهم باسميّتها فصرفها ، وأمّا أجدل للصقر ، وأخيل لطائر ذي خيلان ، وأفعي للحيّة ، فإنّها أسماء في الأصل والحال ، فلهذا صرفت في لغة الأكثر ، وبعضهم منع صرفها للمح معنى الصفة ، وهي القوّة في أجدل ، والتلوّن في أخيل ، والإيذاء في الأفعي ، لكن المنع في أفعي أبعد منه في الأولين ، لأنّ الأخيل من الخيول ، وهو الكثير الخيلان ، والأجدل من الجدال ، وهو الشدّة ، وأمّا الأفعي فلا مادّة لها في الاشتقاق ، لكن ذكرها يقارن تصوير إيذائها ، فاشبهت المشتقّ ، وجرت مجراه على هذه اللغة ، قاله البدر بن مالك.
وعدم قبول التاء لما مرّ ، واعلم أنّ على المصنّف (ره) في هذا الكلام انتقادا ، وذلك أنّ قوله : يمنع صرف الموازن للفعل تكرار لا طائل تحته لما علم قبله من أنّ وزن الفعل يمنع الوصف ، بل هو موهم لكون هذه الصفة غير ذلك الوصف ، وبطلانه ظاهر ، فإن أراد بذكر ذلك بيان الشرطين المذكورين ، فلا اختصاص لوزن الفعل بهما ، بل يشترطان أيضا في منع الوصف الكائن بالألف والنون المزيدتين إمّا عدم قبول التاء ، فقد مرّ اشتراطه في كلامه صريحا ، وإمّا اشتراط أصليّة الصفة ، فقد صرّح به غير واحد للاحتراز عن نحو : صفوان بمعنى فأس ، لأنّ وضعه للحجر الأملس ، فلا أثر لما طرأ عليه من الوصفيّة ، فلو قال : والصفة شرطها أن تكون في الأصل ، كما قال ابن الحاجب لسلم من ذلك.
«و» أمّا اشتراط «عدم قبول التاء» فقد علم سابقا في كلّ من الوضعين «فأربع في نحو : مررت بنسوة أربع منصرف لوجهين» : أحدهما عدم أصليّة الوصف فيه ، لأنّه وضع