تنبيهات : الأوّل : إنّما اقتصر أكثر النّحويّين كالمصنّف على ذكر الواو والفاء من حروف العطف ، لأنّهم لم يعثروا على وقوع إذن بعد غيرهما ، صرّح به ابن مالك في العمدة وشرحها ، ومن أطلق العاطف فقد قاس.
الثاني : قال بعضهم هاهنا صورة أخرى ، لم يذكره ابن مالك في شيء من كتبه سوي شرح العمدة. قال : وكذا لا يمتنع النصب إذا بدئ بإذن بعد قول حكيت به نحو قيل للقائل : أزورك إذن أكرمك.
كتابة إذن : الثالث : اختلف في إذن في حالة الوقف عليها ، فقيل : تبدل ألفا تشبيها لها بتنوين المنصوب ، قال ابن هشام : وهو الصحيح : وقيل : توقف بالنون ، لأنّها كنون من ، وإن نقل عن المازنيّ والمبرّد ، ويبتني على هذا الخلاف الخلاف في كتابتها ، فجزم ابن مالك في التسهيل بأنّها تكتب بالألف مراعاة للوقف عليها ، وهو قول أبي علي والجمهور ، وقال المبرّد : تكتب بالنون ، وبالغ في الإنكار على من يكتبها بالألف.
قال أبو حيّان : وجد بخطّ الشيخ بهاء الدين النحاس ما نصّه : وجدت بخطّ عالي بن عثمان بن جنيّ (١) ، حكي أبو جعفر النحاس ، قال : سمعت على بن سليمان (٢) يقول : سمعت أبا العباس محمد بن يزيد (٣) يقول : أشتهي أن أكوي يد من يكتب إذن بالألف ، لأنّها مثل أن ولن ، ولا يدخل التنوين في الحرف ، انتهى.
قال في الهمع : وممّن صحّح كتابتها بالنون الزنجانيّ (٤) في شرح الهادي ، انتهى ، وصحّحه ابن عصفور أيضا ، فقال : الصحيح كتابتها بالنون فرقا بينها وبين إذا الظرفيّة ، لئلا يقع الالتباس. قال أبو حيّان : ولأنّ الوقف عنده بالنون ، وفصّل الفرّاء ، فقال : إذا أعملتها فاكتبها بالألف ، وإذا ألغيتها فاكتبها بالنون ، لئلا يلتبس بإذا الزمانية ، وأمّا إذا أعملتها ، فالعمل يميّزها عنها ، وقال ابن هشام في حاشية التسهيل بعد حكايته لما نقل عن المبرّد ما لفظه : الحقّ أنّ كتابتها بالالف ، وأنّ الوقف عليها بالألف ، وكذا وقف
__________________
(١) عالي بن عثمان بن جني النحوي ابن النحوي ، كان مثل أبيه ، نحويّا أديبا ، روي عن إبيه وعيسى بن علي الوزير. مات سنة ٤٥٨. المصدر السابق ٢ / ٢٤.
(٢) على بن سليمان بن الفض النحوي أبو الحسن الأخفش الأصغر ، قرأ على ثعلب والمبرد. له تصانيف وهي : شرح سيبويه ، الانواء ، التثنية والجمع و... مات سنة ٢١٥. المصدر السابق ١٦٨.
(٣) هو محمد بن يزيد أبو العباس المبرّد وقد تقدّم ذكره.
(٤) عبد الوهاب بن إبراهيم بن عبد الوهاب بن أبي المعإلى الخرزجيّ الزنجاني ، صاحب شرح الهادي المشهور (في النحو والصرف) ، أكثر الجاربردي من النقل عنه في شرح الشافي ، ذكر في آخره أنه فرغ منه سنة ٦٥٤. المصدر السابق ص ١٢٢.