العلّة الغائية عليه ، فجرت الاستعاره أوّلا في العلية والغرضية ، وثالثا بتبعيّتها في اللام ، فصار حكم اللام حكم الأسد ، حيث استعيرت لما يشبه العلّة ، وصار معنى اللام هو العلية والفرضيّة لا المجرور كما ذكره صاحب التخليص ، قاله الدمامينيّ في التحفة (١).
وأمّا اللام الزائدة فقال ابن أم قاسم : ذهب المحقّقون إلى أنّ اللام في نحو : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) [النساء / ٢٦] لام كي ، ولهم في ذلك قولان : أحدهما أنّ الفعل محذوف ، واللام للتعليل ، والمعنى يريد الله ذلك ليبيّن ، والثاني : ما حكي عن سيبويه وأصحابه أنّ الفعل مقدّر بالمصدر ، أي إرادة الله ليبيّن لينعقد من ذلك مبتدأ وخبر ، فان قلت : ما حقيقة هذا القول؟ قلت : هو كالّذي قبله أنّ اللام للتعليل ، ولكنّ معمول الفعل على القول الأوّل حذف اختصارا ، فهو منويّ لدليل ، وعلى هذا القول حذف اقتصارا ، وفهو غير منويّ ، إذ لم يتعلّق به قصد المتكلّم ، فيصير الفعل على هذا كاللازم ، ولذلك انعقد من ذلك مبتدأ وخبر ، انتهى.
الثاني : ما ذكره من أنّ الناصب هو أن مضمرة بعد اللام هو مذهب جمهور البصريّين ، وذهب جمهور الكوفيّين إلى أنّ الناصب هو اللام ، وجوّزوا إظهار أن بعدها توكيدا ، وقال ثعلب : الناصب اللام ، كما قالوا ، ولكن لنيابتها عن أن المخدوفة. وقال ابن كيسان والسيرافيّ : يجوز أن يكون الناصب أن المقدّرة بعدها ، وأن يكون كي ، ولا تتعيّن أن لذلك ، ودليلهم صحّة إظهار كي بعدها ، فيحصل لنا قولان ، إذا قلنا : إنّ اللام ناصبة ، وقولان ، إذا قلنا : إنّها غير ناصبة ، قاله في التصريح.
نصب المضارع بأن مضمرة وجوبا : ينصب بأن مضمرة «وجوبا بعد خمسة أحرف» :
أحدها : «لام الجحود ، وهي المسبوقة بكون» ناقص ماض ، ولو معنى «منفيّ» بما أو لم مسند لما أسند إليه الفعل المقرون باللام «نحو» قوله تعالى : (ما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) [الأنفال / ٣٣] ، (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) [النساء / ١٦٨] ، وإنّما سمّيت لام الجحود لملازمتها الجحد ، أي النفي ، قال النحاس : والصواب تسميتها لام النفي ، لأنّ الحجد في اللغة إنكار ما تعرفه لا مطلق الإنكار. وقال في التصريح : التعبير بالجحود هنا من باب تسمية العامّ باسم الخاصّ ، انتهى.
وما قاله بيان لعلاقه التجوّز أو النقل ، والثاني أقرب ، ويسمّيها البصريّون مؤكّدة لصحّة الكلام بدونها ، إذ يقال في ما كان زيد ليفعل : ما كان زيد يفعل لا ، لأنّها زائده ، اذ لو كانت زائدة لما كان لنصب الفعل بعدها وجه صحيح ، وإنّما وجب إضمار أن
__________________
(١) تحفة الغريب في حاشية مغني اللبيب من تصانيف الدمامينيّ. المصدر السابق ١ / ٦٧.