التعجّب
ص : فصل : فعلا التعجّب فعلان وضعا لإنشاء التعجّب ، وهما : ما أفعله وأفعل به ، ولا يبنيان إلا ممّا يبنى منه اسم التفضيل ، ويتوصّل إلى الفاقد بأشدّ وأشدد به ، ولا يتصرّف فيهما ، وما مبتدأ اتّفاقا ، وهل هي بمعنى شيء ، وما بعدها خبرها ، أو موصولة ، وما بعدها صلتها ، والخبر محذوف؟ خلاف. وما بعد الباء فاعل عند سيبويه ، وهي زائدة ، ومفعول عند الأخفش ، وهى للتّعدية ، أو زائدة.
ش : هذا فصل في الكلام على فعلى التعجّب ، وهو انفعال يحدث في النفس عند الشعور بأمر جهل سببه ، وخرج عن نظائره ، ومن ثمّ قيل : إذا ظهر السب بطل العجب ، فلا يطلق على الله تعالى أنّه متعجّب ، لأنّه سبحانه لا يخفى عليه خافية ، وما ورد منه في كلامه عزّ وجلّ كقوله : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [البقرة / ١٧٥] مصروف إلى المخاطب ، أي يجب أن يتعجّب العباد منه.
أسلوبه : وللتعجّب صيغ كثيره تدلّ عليه ، فمنها ما هو بالقرينة ، نحو قوله تعالى : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ) [البقرة / ٢٨] وقوله (ع) : سبحان الله إنّ المؤمن لا ينجس (١) ، وقولهم : ناهيك به ، ولله درّه وواها له.
ومنها ما هو بالوضع ، وهو صيغتان ، يقال لهما : «فعلا التعجّب». وحدّهما المنصف (ره) بقوله : «فعلان وضعا لانشاء التعجّب» ، فخرج نحو : عجبت وتعجّبت ، لأنّها ليسا لإنشاء التعجّب بل للإخبار ، نحو : نعم الرجل زيد ، وبئس الرجل عمرو ، لأنّها وإن كانا فعلين للإنشاء فليسا لإنشاء التعجّب ، بل لإنشاء غيره ، وهو المدح والذّم ونحو : قاتله الله من شاعر ، ولا شلّ عشره (٢) ، فإنّما وإن كانا فعلين لإنشاء التعجّب ، لكن لا يدلّان عليه بالوضع بل بالقرينة.
«وهما» أي فعلا التعجّب «ما أفعله وأفعل به» ، نحو : ما أحسن زيدا وأحسن بزيد ، ولا يخفي أنّ فعلى التعجّب صارا علمين على هاتين الصيغتين بجملتها ، فالمفيد للتعجّب هو الصيغة كلّها لا الفعل فقط.
شروط الفعل الّذي يبنى منه الصيغتان القياسيتان بناء مباشرا : «ولا يبنيان إلا ممّا يبنى منه اسم التفضيل» ، وهو كلّ فعل ثلاثيّ تامّ متصرّف مثبت قابل للتفاضل مبنيّ للفاعل
__________________
(١) صحيح بخاري ، ١ / ١٨٧ ، رقم ٢٧٦.
(٢) لا شل عشره : أي أصابعه. لسان العرب ٢ / ٢٠٨٠.