غير مصوغ منه أفعل لغير تفضيل. فلا يبنيان من غير فعل ككلب وحمار ، فلا يقال : ما أكلبه ، ولا ما أحمره ، وشذّ ما أقمنه ، وما أجدره ، بنوا الأوّل من قولهم : هو قمن بكذا ، والثاني من قولهم : هو جدير بكذا ، والمعنى فيهما ما أحقّه بكذا.
ولا من غير ثلاثيّ ، والمراد به ما كان حروفه ثلاثة ، كما هو اصطلاح النّحويّين ، وشدّ ما أعطاه للدارهم ، وما أولاه للمعروف ، وما أتقاه ، وما أملأ القربة ، لأنّه من اتّقى بتشديد التاء ، وامتلأت ، وإن كان قد سمع تقى بمعنى خاف ، وملأ بمعنى امتلأ لندورهما ، ولا من ناقص ، ولا من جامد ، وشذّ ما أعساه وأعس به ، أي ما أحقّه وأحقق به ، ولا من منفيّ ، ولا من غير قابل للتفاضل ، ولا من مبنيّ للمفعول ، وشذّ ما أخضره من وجهين : الزيادة على الثلاثة ، والبناء للمفعول ، لأنّه من اختصر بالبناء للمفعول ، ولا من مصوغ منه أفعل لغير تفضيل من حيث أنّ كلّا منهما للمبالغة والتاكيد ، ويساويهما في الوزن.
تنبيه : قال الرضيّ : يزيد فعل التعجّب على اسم التفضيل بشرط ، وهو أنّه لا يبنى إلا ممّا وقع ، واستمرّ بخلاف التفضيل ، فإنّك تقول : أنا أضرب منك غدا ، ولا يتعجّب إلا ممّا حصل في الماضي واستمرّ ، حتّى يستحقّ أن يتعجّب منه ، أمّا الحال الّذي لم يتكامل بعد ، والمستقبل الّذي لم يدخل في الوجود ، والماضي الّذي لم يستمرّ ، فلا يستحقّ التعجّب منهما ، انتهى.
كيفية التعجّب إذا كان الفعل غير مستوف للشروط الثمانية : «ويتوصّل إلى الفاقد» بعض الشروط المذكورة ، إذا أريد التعجّب منه «بما أشدّ وأشدد» أو نحوهما ممّا مرّ ، ويجعل مصدر الفاقد منصوبا بعد «ما أشدّ» ونحوه ، ومجرورا بالباء بعد أشدد ونحوه ، فتقول في الأوّل : ما أشدّ أو أضعف دحرجته ، أو انطلاقه ، أو بياضه ، أو عرجه ، وفي الثاني أشدد بدحرجته أو بانطلاقه أو ببياضه أو بعرجه ، ويؤتي بمصدر المنفيّ والمبنيّ للمفعول غير صريح ، نحو : ما أكثر أن لا يقوم ، وما أعظم ما ضرب بالبناء للمفعول ، وأكثر بأن لا يقوم وأعظم بما ضرب ، وأمّا الفعل الناقص فإن قلنا : له مصدر ، وهو الصحيح ، أوتي به صريحا ، تقول : ما أشدّ كونه جميلا ، وأشدد بكونه جميلا ، وإن قلنا : لا مصدر له ، أوتي له بمصدر مؤوّل ، نحو : ما أكثر ما كان محسنا ، وأشدد بما كان محسنا ، وأمّا الجامد كنعم وغير القابل للتفاضل ك مات فلا يتعجّب منه ألبتّة.
تنبيه : لا يختصّ التوصّل بنحو أشدّ أو أشدد بالفاقد بعض الشروط. بل يجوز فيما استوفاه نحو : ما أشدّ ضرب زيد لعمرو ، وأشدد بضرب زيد لعمرو.