ألفاظ أفعال القلوب : «وهي» أي أفعال القلوب «وجد» كوعد ، ومصدرها وجدان عن الأخفش ، ووجود عن السيرافيّ ، «وألفي» أثبتها الكوفيّون وابن مالك احتجاجا بقوله [من البسيط] :
٧٧٦ ـ قد جرّبوه فألفوه المغيّث إذا |
|
... (١) |
وأنكرها البصريّون وابن عصفور ، وقالوا : المنصوب ثانيا حال ، وتأوّلوا البيت بزيادة اللام ، وليس بشئ ، إذ التاويل خلاف الأصل ، فالصحيح قول الكوفيّين. وهما لتيقّن الخبر ، أي تفيدان في الخبر يقينا ، نحو قوله تعالى : (وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) [الأعراف / ١٠٢] ، وقوله : (إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آباءَهُمْ ضالِّينَ) [الصافات / ٦٩]. وعدّ غيره بمعناها فعلين أخرى ن :
أحدهما : تعلّم بمعنى اعلم كقوله [من الطويل] :
٧٧٧ ـ تعلّم شفاء النفس قهر عدوّها |
|
... (٢) |
قال ابن مالك : وهي جامدة ، لا يستعمل منها إلا الأمر. قاله أبو حيّان وتابع فيه الأعلم ، وليس بصحيح ، لأنّ يعقوب حكي : تعلّمت فلانا خارجا بمعنى علمت ، وقد يجاب بأنّه نادر ، والغالب فيها وقوعها على أنّ وصلتها كقوله [من الطويل] :
٧٧٨ ـ تعلّم رسول الله أنّك مدركي |
|
... (٣) |
وأما إذا كانت بمعنى تكلّف العلم ، فإنّها يتعدّى إلى واحد ، نحو : تعلّم المسالة ، وهي متصرّف بلا خلاف.
الثاني : درى في لغة ، كقوله [من الطويل] :
٧٧٩ ـ دريت الوفيّ العهد يا عرو فأغتبط |
|
فإنّ اغتباطا بالوفاء حميد (٤) |
والغالب فيها أن تتعدّى إلى واحد بالباء نحو : دريت بكذا ، فإذا دخلت عليها الهمزة تعدّت لآخر بنفسها ، نحو : ولا أدريكم.
قال أبو حيّان : عدّ درى من أفعال هذا الباب الكوفيّون وابن مالك ، وأنكرها البصريّون ، ولعلّ البيت من باب التضمين ، ضمّن دريت معنى علمت والتضمين
__________________
(١) تمامه «ما الروع عمّ فلا يلوي على أحد» ، ولم يسمّ القائل. اللغة : الروع : الفزع.
(٢) تمامه «فبالغ بلطف في التحيّل والمكر» ، وهو لزياد بن سيّار. اللغة : القهر : الغلبة ، التحيّل : استعمال الحيلة.
(٣) تمامه «وأنّ وعيدا منك كالأخذ باليد» ، وهو لأسيد بن أبي إياس الهذليّ ، أو لمسارية بن زنيم.
(٤) لم ينسب البيت إلى قائل معيّن. اللغة : اغتبط : أمر من الغبطة ، وهي أن تتمنّى مثل حال الغير من غير أن تتمنّى زوال حاله عنه.