هذا ، وخرج بقوله : إذا توسّطت ، أو تأخّرت ما إذا تقدّمت ، نحو : ظننت زيدا قائما ، فلا تلغى خلافا للكوفيّين والأخفش وابن الطراوة ، إلا أنّ الإعمال أحسن عندهم.
التعليق : «وإذا دخلت» أفعال القلوب سوى الفعلين المذكورين لما مرّ «على الاستفهام أو النفي» بما أو إن أو لا «أو» على «اللام» أي لام الابتداء «أو القسم» لفظا أو تقديرا «وجب إبطال عملها لفظا فقط» دون المحلّ الجائزة مراعاته لوجود المانع من العمل لفظا ، وهو اعتراض ما له صدر الكلام ، «ويسمّى» هذا الحكم «التعليق» آخذا من قولهم : امرأة معلّقة أو مفقودة الزوج ، تكون كالشيء المعلّق لا مع الزوج لفقدانه ولا بلا زوج لتجويزها وجوده ، فلا تقدر على التزوّج ، فالفعل المعلّق عن العمل ممنوع من العمل لفظا عامل محلّا.
قال ابن الخشاب : لقد أجاد أهل هذه الصناعة في هذا اللقب لهذا المعنى ، ولا فرق في الاستفهام بين أن يكون بالحرف ، نحو : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) [الأنبياء / ١٠٩] ، أو الاسم ، سواء كان الاسم عمدة مبتدأ نحو : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) [الكهف / ١٢] ، فأيّ اسم استفهام مبتدأ ، وأحصى خبره ، وهو فعل ماض ، وقيل : اسم تفضيل بحذف الزوائد ، وجملة المبتدإ والخبر معلّق عنهما نعلم ، أو خبرا ، نحو : علمت متى السفر أو مضافا إليه نحو : علمت أبو من زيد أو الخبر ، نحو : علمت صبيحة أيّ يوم سفرك أو فضله ، نحو : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعرا / ٢٢٧] ، فأيّ منصوب على المصدريّة بما بعده ، أي ينقلبون أيّ انقلاب ، ولا يصحّ أن يكون منصوبا بما قبله ، لأنّ الاستفهام له الصدر ، فلا يعمل فيه ما قبله.
تنبيه : قال بعضهم : استشكل تعليق الفعل بالاستفهام في نحو : علمت أزيد عندك أم عمرو ، من حيث إنّ العلم بالشيء ينافي ما يقتضيه الاستفهام من الجهل به ، وأجاب ابن هشام عنه في المغني بأنّه على تقدير مضاف ، أي جواب أزيد عندك أم عمرو؟ والتحقيق ما قال بعضهم : إنّ متعلّق العلم هو النسبة ، ومتعلّق الجهل طرفها ، والعلم بالنسبة يجامع الجهل بطرفها ضرورة ، فلا حاجة إلى تقديره ، بل التحقيق أنّ متعلّق العلم هو النسبة إلى أحدهما مبهما ، ومتعلّق الجهل النسبة إليه معيّنا وفرق ما بينهما ، انتهى.
والنفي بما نحو : علمت ما زيد قائم وبإن نحو : علمت إن زيد قائم ، وبلا نحو : علمت لا زيد في الدار ولا عمرو ، وأمّا ما وإن فللزوم وقوعهما في صدر الجمل وضعا ،