التنازع
ص : خاتمة : إذا تنازع عاملان ظاهرا بعدهما ، فلك إعمال أيّهما شئت ، إلا أنّ البصريّين يختارون الثاني لقربه ، وعدم استلزامه إعماله الفصل بالأجنبيّ ، والعطف على الجملة قبل تمامها ، والكوفيّين الأوّل لسبقه وعدم استلزامه الإضمار قبل الذكر ، وأيّهما أعملت أضمرت الفاعل في المهمل موافقا للظّاهر.
أمّا المفعول ، فالمهمل إن كان الأوّل حذف ، أو الثاني أضمر ، إلا أن يمنع مانع ، وليس منه ، نحو : حسبني وحسبتها منطلقين الزّيدان منطلقا ، كما قاله بعض المحقّقين.
ش : هذه خاتمة لمباحث الأفعال في الكلام على التنازع ، ويسمّيه الكوفيّون الإعمال بكسر الهمزة ، «إذا تنازع عاملان» مثنّى عامل بالمعنى الأعمّ أو الأخصّ ، وقد عرفتهما ، سواء اتّفقا في العمل ، أو اختلفا فيه.
ولم يقل فصاعدا اقتصارا على أقلّ مراتب التنازع وأكثرها ، فافهم. قاله المصنّف في حواشيه يعني أنّ التنازع قد يقع في أكثر من عاملين كما ستراه ، لكنّه اقتصر على ذكر العاملين بيانا لأقلّ ما يقع في التنازع ، ولأنّه أكثر استعمالا ، ولا خفي ما في عبارته من الطباق بين الأقلّ (١) والأكثر ، وتعبيره بالعاملين أحسن من تعبير ابن الحاجب بالفعلين لشموله الفعل وشبهه في العمل.
«ظاهرا» مفعول تنازع من باب تجاذبنا الثوب ، أي اسما ظاهرا ، فخرج المضمر ، وتبع في ذلك ابن الحاجب ، ووجّهه بأنّ العاملين إذا وجّها إلى مضمر استويا في صحّة الأضمار فيهما ، فلا تنازع نحو : ضربت وأكرمت ، وتعقبه ابن مالك بأنّ هذا منه تقرير بأنّه لا يتأتّى في المضمر صورة تنازع ، فلا وجه لهذا الاعتراض ، لأنّ قولنا : إذا تنازع عاملان لا يمكن تناوله لذلك ، وأجاب ابن هشام بأنّه قد يقال : إنّ هذا إنّما ذكر للإعلام من أوّل الأمر بصورة التنازع لا للاحتراز عن صورة يتأتّى فيها صورة التنازع في الضمير ، ولا يحكم النّحويّون بأنّه من التنازع.
«ما قام وقعد إلا زيد» من باب التنازع أو لا؟ : فإن قلت : الوجه ذكره ابن الحاجب من أنّ التنازع لا يتأتّى في المضمر أنّما يستمرّ في المضمر المتّصل ، فأمّا المنفصل فيمكن التجاذب بين العاملين فيه ، نحو : ما قام وقعد إلا أنا ، قلت : الصحيح أنّ هذا ليس من
__________________
(١) من كما ستراه حتّى هنا سقط في «س».