الجامد لا يفصل بينه وبين معموله ، وعن المبرّد إجازته في فعلى التعجّب ، نحو : ما أحسن وأجمل زيدا ، وأحسن به وأجمل بعمرو ، والمانع لا يجوّز هذين التركيبين ، بل يجب عنده أن يقال فيهما : ما أحسن زيدا وأجمله ، وأحسن بزيد وأجمل به.
الرابع : قال ابن هشام في المغني : العاملان في باب التنازع لا بدّ من ارتباطهما إمّا بعطف ، نحو : قاما وقعد أخواك ، أو عمل أوّلهما في ثانيتهما ، نحو : (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) [الجن / ٤] ، أو كون ثانيهما جوابا للأوّل إمّا جوابية الشرط ، نحو : (تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ) [المنافقون / ٥] ، ونحو : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) [الكهف / ٩٦] ، أو جوابية السؤال نحو : (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ) [النساء / ٧٦] ، ونحو ذلك من أوجه الارتباط ، ولا يجوز : قام قعد زيد (١).
هل يجري التنازع في جميع المعمولات : الخامس : ظاهر كلامه أنّ التنازع يجري في جميع المعمولات ، وهو رأي لبعضهم ، قال بعض الأئمة : والأصحّ أنّه لا يجري في المصدر والحال والتمييز ، انتهى.
وفي الجمع وشرحه : ويقع التنازع في كلّ معمول إلا المفعول له (٢) والتمييز وكذا الحال ، لأنّها لا تضمر خلافا لابن معط ، انتهى.
قلت : وكان ابن معط رجع عن هذا القول ، فقال في شرح الجزوليّة (٣) : تقول في الحال : إن تزرني ضاحكا إنّك في هذه الحالة ، ولا يجوز الكناية عنها ، لأنّ الحال لا تضمر. قال أبو حيّان : والأجود إعادة الحال كالأوّل. قال ابن معط : وتقول في الظرف على إعمال الثاني : سرت وذهبت فيه اليوم ، وعلى الأوّل سرت وذهبت فيه اليوم (٤) ، وفي المصدر على الثاني ، إن تضرب بكرا أضربك ضربا شديدا ، وعلى الأوّل أضربكه ضربا شديدا. وفي النهاية لابن الخبّاز : ويجوز التنازع في المفعول معه تقول : قمت وسرت وزيدا ، إن أعلمت الثاني ، وقمت وسرت وإيّاه إن أعلمت الأوّل ، انتهى.
إعمال العامل الثاني : «إلا» أنّ النحاة «البصريّين» ـ نسبة إلى البصرة بفتح الباء وكسرها وضمّها ثلاث لغات حكاها الأزهريّ (٥) ، وأفصحهنّ الفتح ، وهو المشهور ، و
__________________
(١) في جميع النسخ «قام وقعد زيد» وهذه الجملة صحيحة لأنّ بين العاملين ارتباطا بالعطف.
(٢) المفعول معه «ح».
(٣) ما وجدت عنوان الكتاب.
(٤) سقطت «سرت وذهبت فيه اليوم» في «ح وط».
(٥) محمد بن أحمد بن الأزهر بن طلحة بن نوح الأزهري اللغويّ الأديب ، ولد سنة ٢٨٢ ه ، وكان رأسا في اللغة ، ومن تصانيفه : التهذيب في اللغة ، مات سنة ٣٧٠ ه ، بغية الوعاة ١ / ١٩.