النسبة إليها بصريّ ، بكسر الباء وفتحها وجهان مشهوران ، ولم يقولوا بالضّمّ وإن ضمّت البصرة على لغة قاله النوويّ ـ «يختارون» إعمال العامل «الثاني لقربه» من المعمول ، فالأولى أن يستند به دون البعيد ، و «لعدم استلزام إعماله الفصل» بين العامل ومعموله بالأجنبيّ ، والعطف على الجملة قبل تمامها في نحو : قام وقعد زيد ، إذ إعمال الأوّل يستلزم الفصل بين العامل الّذي هو قام ، والمعمول الّذي هو زيد بالأجنبيّ الّذي هو الجملة المعطوفة ، ويستلزم العطف على الجملة الّتي هي قام زيد قبل تمامها الّذي هو زيد ، إذ التقدير : قام زيد وقعد ، وكلا الأمرين خلاف الأصل ، وإعمال الثاني لا يستلزم شيئا منهما ، قال الرضيّ : ولا تجيء هذه العلّة في غير العطف ، نحو : جاءني لأكرمه ، وكاد يخرج زيد.
إعمال العامل الأوّل : والنّحاة «الكوفيّون» يختارون إعمال العامل «الأوّل لسبقه» على غيره من العوامل «وعدم استلزامه الإضمار قبل الذكر» ، وهو عود الضمير على متأخّر لفظا ورتبة ، وإعمال الأوّل يستلزم ذلك ، وهو ضعيف. وأجيب بأنّ الإضمار قبل الذكر قد جاء مصرّحا به في غير هذا الباب كما في باب نعم وربّه رجلا وضمير الشأن ، فهو شائع من غير ضعف. وقدّم المصنّف نقل مختار البصريّين إشارة إلى أنّه المختار عنده ، ولا شكّ أنّ الاستقراء شاهد بأنّ إعمال الثاني أكثر. وقيل : هما سيّان في العمل ، لأنّ لكلّ مرجّحا ، حكاه ابن العلج في البسيط.
وإذا تنازع ثلاثة فالحكم كذلك بالنسبة إلى الأوّل والثالث ، قاله المراديّ ، وسكتوا عن المتوسّط ، فهل يلتحق بالأوّل لسبقه على الثالث أو بالثاني لقربه من المعمول بالنسبة إلى الأوّل ، أو يستوي فيه الأمران ، لم أر في ذلك نقلا ، قاله في التصريح.
تنبيه : قال في السراج ما نقله عن الكوفيّين ، هو الّذي تضافرت به نصوص النحاة عنهم ، وقال ابن النحاس : إنّه لم يجد ذلك على ما حكي عنهم.
إذا تنازع العاملان الفاعل : «وأيّهما» أي العاملين «أعلمت» الأوّل أو الثاني «أضمرت الفاعل في» العامل «المهمل» من العمل في الظاهر ، إذا اقتضى الفاعل ، فإن أعملت الثاني أضمرت الفاعل في الأوّل ، وإن أعملت الأوّل أضمرت الفاعل في الثاني «موافقا للظاهر» في الإفراد والتذكير وفروعهما ، لأنّه مفسّرة ، والموافقة بين المفسّر والمفسّر ملتزمة ، فتقول على إعمال الأوّل : ضربني وضربتهم قومك ، وعلى إعمال الثاني : ضربوني وضربت قومك.