ضربت الزيدين باطل ، بل هو عنده ضمير مستتر في الفعل مفرد في الأحوال كلّها ، انتهى.
إذا تنازع العاملان المفعول : «أمّا المفعول» فتارة يحذف ، وتارة يضمر ، فالعامل «المهمل» من العمل في الظاهر «إن كان هو الأوّل حذف» أي المفعول ، ولا يضمر فيه ، إذ لو أضمر ، والحال هذه لزم الإضمار قبل الذكر ، وذلك أنّما ارتكبناه للضرورة لأجل الفاعل اجتنابا لحذف العمدة ، وأمّا المفعول فهو فضله مستغني عنه ، فيجب حذفه ، قال تعالى : (آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) [الكهف / ٩٦] ، وقال : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة / ١٩] ، وأجاز قوم إضماره ، وعليه ابن مالك ، كما لو كان المهمل الثاني ، ودفع بالفرق بين الإضمار قبل الذكر وبعده ، ولا خلاف في جوازه ضرورة كقوله [من الطويل] :
٨١٣ ـ إذا كنت ترضيه ويرضيك صاحب |
|
جهارا فكن في الغيب أحفظ للؤدّ (١) |
تنبيهات : الأوّل : المجرور حكمه حكم المفعول فيما ذكر ، فيجب حذفه ما لم يلتبس ، نحو : مررت ومرّ بي زيد ، فإن أوقع حذفه في لبس وجب إضماره مؤخّرا ، نحو : رغبت ورغب في زيد عنه ، إذ لو حذف لتوهّم أنّ المراد رغبت فيه.
الثاني : قضيّة إطلاقه حذف المفعول ، ولو كان العامل من باب ظنّ ، وهو الصحيح لما سيأتي ، وفيه ثلاثة أقوال أخر : قيل : يضمر قبل الذكر ، لأنّه عمدة ، وإن كان منصوبا فهو كالفاعل ، فلا يحذف ، بل يقال : ظننته أو ظنّني إيّاه زيدا قائما ، وقيل : يضمر مؤخّرا ذهابا إلى أنّه لا يحذف ، ولا يضمر قبل الذكر ، لأنّه منصوب ، فهو على صورة الفضلة ، فيضمر مؤخّرا ، نحو : ظنّني وظننت زيدا قائما إيّاه ، وقيل : يظهر ، فيقال ظنّني قائما ، وظننت زيدا قائما. وأصحّها الأوّل الّذي اقتضته عبارة المصنّف ، لأنّه حذف ، قال ابن عصفور : وهو أسدّ المذاهب ، لأنّ الإضمار قبل الذكر والفصل بين العامل والمعمول لم تدع ضرورة إليه ، وحذف الاقتصار في باب ظنّ قد تقدّم الدليل على جوازه ، انتهى. وشرط الحذف أن يكون المحذوف مثل المثبت إفرادا وتذكيرا وفروعهما ، فإن لم يكن مثله لم يجز حذفه ، نحو : علمني وعلمت الزيدين قائمين ، فلا بدّ أن يقال : إيّاه متقدّما أو متأخّرا ، ولا يجوز حذفه ، قاله في التصريح نقلا عن أبي حيان في النكت الحسان.
«أو» كان العامل هو «الثاني أضمر» ، أي المفعول ، وفي حكمه المجرور في المهمل مطابقا للظاهر ، ولا محذور فيه لرجوع الضمير إلى متقدّم رتبة ، وإن تأخّر لفظا ، لأنّه
__________________
(١) لم يسمّ قائله. اللغة : جهارا : عيانا ومشاهدة ، الودّ : المحبة ، ويروى أحفظ للعهد.