الحديقة الرابعة في الجمل وما يتبعها
ص : الجملة قول تضمّن كلمتين بإسناد ، فهي أعمّ من الكلام عند الأكثر ، فإن بدئت باسم ، فاسميّة ، نحو : زيد قائم ، (وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ،) وإنّ زيدا قائم. إذ لا عبرة بالحرف. أو بفعل ، ففعلية كقام زيد ، وهل قام زيد؟ وهلّا زيدا ضربته؟ ويا عبد الله ، (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ ،) لأنّ المقدّر كالمذكور. ثمّ إن وقعت خبرا فصغرى ، أو كان خبرا لمبتدإ فيها جملة فكبرى ، نحو : زيد قام أبوه ، فقام أبوه صغرى ، والجميع كبرى. وقد تكون صغرى وكبرى باعتبارين ، نحو : زيد أبوه غلامه منطلق ، وقد لا تكون صغرى ولا كبرى ، كقام زيد.
ش : الحديقه الرابعة في الكلام على الجمل وما يتبعها من ذكر أقسامها وأحكامها. «الجملة» لغة جماعة الشيء ، كذا في القاموس ، واصطلاحا «قول» أي مقول استعمالا للمصدر بمعنى المفعول ، كاللفظ بمعنى الملفوظ ، وهو الملفوظ الموضوع لمعنى مفردا كان أو مركّبا مفيدا أو غير مفيد ، فهو أخصّ من اللفظ لاختصاصه بالموضع بخلافه كما مرّ بيانه في صدر الشرح ، هذا هو المشهور ، وهو الصحيح.
وقيل : إنّه حقيقة في المفرد ، وإطلاقه على المركّب مجاز ، وعليه ابن معط ، وقيل : حقيقة في المركّب ، سواء أفاد أم لا ، وإطلاقه على المفرد مجاز ، وقيل : حقيقة في المركّب المفيد ، وإطلاقه على المفرد والمركّب الّذي لا يفيد مجاز ، وبه جزم الجوينيّ (١) في تفسيره ، وقيل : إنّه يطلق على المهمل ، فيرداف اللفظ ، حكاه العلّامة أبو حيّان في شرح التسهيل في باب ظنّ ، وجزم به أبو البقاء العكبرى في اللباب. أمّا إطلاقه على غير اللفظ من الرأي والاعتقاد فمجاز اجماعا.
__________________
(١) عبد الله بن يوسف الجويني ، من علماء التفسير واللغة والفقه من كتبه «التفسير» كبير ، و «التبصرة والتذكرة» مات سنة ٤٣٨ ه الأعلام للزركلي ، ٤ / ٢٩٠.