٢٦ ـ فقد والله بيّن لي عنائي |
|
... (١) |
وسمع «قد لعمري بتّ ساهرا» ، وقد يحذف ما بعدها لدليل ، كقول النابغة [من الكامل] :
٢٧ ـ أزف الترحّل غير أنّ ركابنا |
|
لمّا تزل برحالنا وكأن قد (٢) |
أي وكان قد زالت.
لقد ستّة معان : وإنّما اختصّ بها ، لأنّها لمعان لا تصلح إلا له ، وهي ستّة. أحدها : تقريب الماضي من الحال ، نحو : قد قامت الصلوة. الثاني : التحقيق ، نحو : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ) [الأحزاب / ١٨]. الثالث : التقليل ، نحو : إنّ الكذوب قد يصدق. وسيأتي مزيد كلام على هذه المعاني في حديقة المفردات إن شاء الله تعإلى. الرابع : النفي ، حكي ابن سيدة (٣) [من الكامل] :
٢٨ ـ قد كنت في خبر فتعرفه |
|
... (٤) |
بنصب نعرف ، وإليه أشار في التسهيل بقوله ، وربّما نفي «بقد» فنصب الجواب بعدها ، قال ابن هشام : وهو غريب ، وحمله على خلاف ذلك.
الخامس : التكثير. كقوله [من البسيط] :
٢٩ ـ قد أترك القرن مصفرّا أنامله |
|
كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد (٥) |
والأحسن الاستشهاد على ذلك ببيت العروض [من البسيط] :
٣٠ ـ قد أشهد الغارة الشّعواء تحملني |
|
جرداء معروقة اللّحيين سرحوب (٦) |
السادس : التوقّع ، نحو : قد يقدم المسافر ، وهو مع المضارع واضح ، وأمّا مع الماضي فأثبته الأكثرون. قال الخليل يقال : قد فعل لقوم ينتظرون الخبر.
__________________
(١) لم يسمّ قائله وتمامه : «بوشك فراقهم صرد يصيح» ، اللغة : الصرد : الطائر.
(٢) اللغة : أزف : دنا وقرب ، ويروي «أفد» وهو بوزنه ومعناه ، الترحّل : الارتحال ، تزل : مضارع زال. لمّا تزل : لم تفارق بعد ، الرحال : ما يوضع علي ظهر المطيّة لتركب ، كأن قد : أي كأن قد زالت لاقتراب موعد الرحيل.
(٣) علي بن أحمد بن سيدة اللغويّ والنحويّ الأندلسي ، كان حافظا لم يكن في زمانه أعلم منه بالنحو واللغة والأشعار. صنّف : المحكم والمحيط الاعظم في اللغة ، شرح كتاب الأخفش. مات سنة ٤٥٨ ه ق. المصدر السابق ، ١ / ١٤٣.
(٤) لم أقف على عجزه وقائله.
(٥) هو لعبيد بن الأبرص أو لأبي ذويب الهذلي. اللغة : قرنك : هو مكافئك في الشجاعة والأنامل : جمع أنملة وهي أطراف الأصايع ، مجّت : ترشّشت ، الفرصاد : التوت.
(٦) هو لامرئ القيس أو لعمران بن إبراهيم الأنصاريّ. اللغة : الغارة : الهجوم علي العدو ، الشعواء : المنتشرة المتفرقة الغاشية ، جرداء : مونث أجرد ، وفرس أجرد : قصير الشعر ، المعروقة : قليلة اللحم ، السرحوب : فرس سرحوب : طويلة علي وجه الأرض.