والتمثيل بنحو : زيد قام للجملة الاسميّة لا غير هو قول الجمهور ، لعدم ما يطلب الفعل ، وجوّز المبرّد وابن العريف (١) وابن مالك كونها فعلية على الإضمار والتفسير ، والكوفيّون على التقديم والتأخير ، أو مؤوّلا ، نحو قوله تعالى : (أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ) [البقرة / ١٨٤] ، أي صومكم خير لكم (٢). لأنّ المؤوّل كالصريح في الحكم ، والمراد بالتصدّر المسند أو المسند إليه ، فلا يضرّ في التسمية ما تقدّم من الحروف لغرض ما ، نحو : أقائم الزيدان ، أو أزيد أخوك ، ولو غيّر الإعراب والمعنى نحو : «إنّ زيدا قائم» ولعلّ أباك منطلق ، وما زيد قائما «إذ لا عبرة بالحروف» في ذلك ، فالجمل المذكورة كلّها اسميّة لكونها مبدوّة بالاسم بالمعنى المذكور.
«أو» بدئت «بفعل» متصرّفا كان أو جامدا تامّا أو ناقصا فاسمها جملة «فعلية» ، أي تسمّى فعلية ، نسبة إلى الفعل لتصديرها به «كقام زيد» ، وضرب اللصّ ، وعسى زيد أن يقوم ، وكان زيد قائما ، وظننته قائما ، ويقوم زيد ، وقم ، «وهل قام زيد» ، ممّا تقدّم فيه الحرف ، إذ لا عبرة به كما تقدّم ، والمعتبر أيضا في الصدر ما هو صدر في الأصل ، فلا يضرّ أيضا تقدّم المعمول لموجب أو تجوّز ، فنحو : كيف جاء زيد ، و (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) [الحمد / ٥] ، و (فَرِيقاً هَدى) [الأعراف / ٣٠] ، (فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ) [غافر / ٨١] ، جملة فعلية ، لأنّ هذه الأسماء في نيّة التأخير.
وكذا نحو : «هلّا زيدا ضربته ، ويا عبد الله» ، (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ) [التوبة / ٦] ، (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها) [النحل / ٥] ، (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) [الليل / ١] ، «لأنّ» صدورها في الأصل أفعال ، والتقدير هلّا ضربت زيدا ، وأدعوا عبد الله ، وإن استجارك أحد ، وخلق الأنعام ، وأقسم بالليل ، و «المقدّر كالمذكور» في الحكم.
تنبيهات : الأوّل : زاد ابن هشام في أقسام الجملة الظرفية ، وهي المصدّرة بظرف أو جارّ ومجرور نحو : أعندك زيد؟ وأ في الدار زيد؟ إذا قدّرت زيدا فاعلا بالظرف أو الجارّ والمجرور لا باستقرّ المحذوف ، ولا مبتدأ مخبر به عنهما ، وسيأتي تفصيل الأقوال في هذه المسالة في محلّه إن شاء الله. وزاد الزمخشريّ وغيره الجملة الشرطيّة ، والصواب أنّها من قبيل الفعلية لما مرّ.
الثاني : قال ابن هشام في المعنى : ما يجب على المسؤول عنه أن يفصل فيه لاحتماله الاسميّة والفعلية لاختلاف التقدير أو لاختلاف النّحويّين ، لذلك أمثلة :
__________________
(١) الحسن بن الوليد بن نصر المعروف بابن العريف النحويّ ، وكان نحويّا مقدّما فقيها في المسائل. مات سنة ٣٦٧ ه. بغية الوعاة ١ / ٥٢٧.
(٢) سقطت هذه الجملة في «س».