أحدها : صدر الكلام من نحو : إذا قام زيد فأنا أكرمه ، وهذا مبنيّ على الخلاف في عامل إذا ، فإن قلنا : جوابها فصدر الكلام جملة اسميّة ، وإذا تقدّمه من تأخير وما بعد إذا متمّم لها ، لأنّه مضاف إليه ونظير ذلك قولك : يوم يسافر زيد أنا مسافر وعكسه قوله [من الوافر] :
٨١٧ ـ فبينا نحن نرقبه أتانا |
|
... (١) |
إذا قدّرت ألف بينا زائدة ، وبين مضافة للجملة الاسميّة ، فإنّ صدر الكلام جملة فعلية ، والظرف مضاف إلى جملة اسميّة ، وإن قلنا : العامل في إذا فعل الشرط ، وإذا غير مضافة ، فصدر الكلام جملة فعلية ، قدّم ظرفها ، كما تقول : متى تقم فأنا أقوم.
الثاني : نحو : أفي الدار زيد؟ وأعندك عمرو؟ فإنّا إن قدّرنا المرفوع مبتدأ ، أو مرفوعا بمبتدإ محذوف ، تقديره كائن أو مستقرّ ، فالجملة اسميّة ذات خبر في الأولى ، وذات فاعل مغن عن الخبر في الثانية ، وإن قدّرنا فاعلا باستقرّ ففعلية ، أو بالظرف فظرفيّة.
الثالث : نحو : يومان في نحو : ما رأيته مذ يومان ، فإنّ تفسيره عند الأخفش والزّجاج بيني وبين لقائه يومان ، وعند أبي بكر وأبي على أمد انتفاء الرؤية يومان ، وعليهما فالجملة اسميّة لا محلّ لها ، ومذ خبر على الأوّل ، ومبتدأ على الثاني. قال الكسائيّ وجماعة : مذ كان يومان ، فمذ ظرف لما قبلها ، وما بعدها جملة فعلية ، فعلها ماض (٢) حذف فعلها ، وهي في محلّ خفض. وقال آخرون : المعنى من الزمن الّذي هو يومان ، ومنذ مركّبة من حرف الابتداء وذو الطائية واقعة على الزمان ، وما بعدها جملة اسميّة حذف مبتدأها ، ولا محلّ لها ، لأنّه صلته.
الرابع : ماذا صنعت ، فإنّه يحتمل معنيين : أحدهما : ما الّذي صنعته ، فالجملة اسميّة ، قدّم خبرها عند الأخفش ، ومبتدأها عند سيبويه. والثاني : أيّ شيء صنعت ، فهي فعلية قدّم مفعولها ، فإن قلت : مإذا صنعته ، فعلى التقدير الأوّل الجملة بحالها ، وعلى الثاني تحتمل الاسميّة بأن تقدّر ما ذا مبتدأ ، والفعلية بأن تقدّره مفعولا لفعل محذوف على شريطة التفسير ، ويكون تقديره بعد مإذا ، لأنّ الاستفهام له الصدر.
الخامس : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) [التغابن / ٦] ، فالأرحج تقدير بشر فاعلا ليهدي محذوفا ، والجملة فعلية ، ويجوز تقديره مبتدأ ، وتقدير الاسميّة في : (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ) [الواقعة
__________________
(١) تمامه «معلّق وفضة وزناد راع» ، وهو لرجل من قيس عيلان. اللغة : نرقبه : نرصده : الوفضة : الجعبة الّتي يجعل فيها السهام ، الزناد : جمع زند ، وهو العود الذي تقدح به النار.
(٢) جملة «فعلها ماض» سقطت في جميع النسخ ، ولكنها موجودة في المغني. مغني اللبيب ، ص ٤٩٤.