تنبيه : ما ذكره المصنّف من اختصاص النيابة بباب القول لما مرّ هو المشهور ، وقيل : تقع أيضا في الجملة المقرونة بمعلّق ، نحو : علم أقام زيد : وقيل في الجملة مطلقا ، نحو : علم قام زيد ، وهو مبنيّ على جواز وقوع الفاعل ونائبه جملة ، وفي المسأله ثلاثة أقوال :
أحدها : المنع مطلقا ، وعليه الأكثر ، وهو المشهور كما ذكرنا.
الثاني : الجواز مطلقا ، نحو : يعجبني قام زيد ، وهو قول هشام وثعلب واحتجاجا بقوله [من الطويل] :
٨٤٢ ـ وما راعني إلا يسير بشرطة |
|
... (١) |
الثالث : التفضيل ، وهو إن كان الفعل قلبيّا ، ووجد معلّق عن العمل ، نحو : ظهر لي أقام زيد ، صحّ ، وإلا فلا ، وهو قول الفرّاء وجماعة من الكوفيّين ونسبوه إلى سيبويه ، وحملوا عليه : (ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ) [يوسف / ٣٥] ، ومنعوا : يعجبني يقوم زيد ، وعلى هذين القولين فيزاد في الجمل الّتي لها محلّ الجملة الواقعة فاعلا ونائبا عنه ، ومنع الأكثرون ذلك كلّه ، وأوّلوا ما ورد ممّا يوهمه ، فقالوا في يسير : إنّه على إضمار أن ، وفي بدا ضمير البداء المفهوم منه أو ضمير السجن المفهوم من الفعل.
وقال الدمامينيّ : ما أظنّ أنّ أحدا من الكوفيّين ولا غيرهم ينازع في أنّ من خصاص الاسم كونه مسندا إليه ، فيحمل ما ذكروه من جواز وقوع الفاعل جملة على أنّ معنى المصدر المفهوم من الجملة هو الفاعل المسند إليه معنى ، وغايته أن التاويل هنا وقع بغير واسطة حرف مصدريّ ، فهو كما يقول الكلّ في نحو : قمت حين قام زيد ، من أنّ الجملة وقعت مضافا إليها مع أنّ الإضافة من خصائص الاسم كالإسناد إليه ، لكن الجملة هنا مؤولة عندهم بمفرد ، أي حين قيام زيد. ولا بدع في هذا ، لأنّه وجد مطّردا في الإضافة في باب التسوية ، نحو : سواء على قمت أم قعدت ، أي قيامك وقعودك ، وفي لا تأكل السمك وتشرب اللبن ، أي لا يكن منك أكل سمك مع شرب لبن ، فهشام ومن قال بقوله ألحقوا مثل يعجبني يقوم زيد بتلك الأبواب.
الجملة الواقعة المضاف إليها
ص : الرّابعة : المضاف إليها : وتقع بعد ظروف الزمان ، نحو : (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ) وبعد حيث ، ولا يضاف إلى الجمل من ظروف المكان سواها ، والأكثر إضافتها إلى الفعلية.
__________________
(١) تمامه «وعهدي به قينا يفشّ بكير» ، ولم يسمّ قائله. اللغة : راعني : أعجبني ، القين : الحدّاد ، يفش : يخرج ما فيه من الريح. الكير : الجهاز يستخدمه الحدّاد للنفخ في النار لإشعالها.