والمراد بالذات هنا ما يستقلّ بالمفهوميّة ، لا ما يقوم بنفسه ليدخل نحو مفهوم ومضمر ممّا يقوم بغيره من المشتقّات.
و «أيضا» مصدر آض ، إذا رجع ، وهي كلمة لا تستعمل إلا مع شيئين ، بينهما توافق ، ويمكن استعناء كلّ منهما عن الآخر ، فخرج بالشئين ، نحو : جاء زيد أيضا مقتصرا عليه لفظا وتقديرا ، وبالتوافق ، نحو : جاء ومات أيضا ، وبإمكان الاستغناء ، نحو : اختصم زيد وعمرو أيضا ، فلا يقال في شيء من ذلك ، وهو مفعول مطلق ، حذف عامله سماعا كما نقل ، أو حال ، حذف عاملها وصاحبها ، أي وأرجع إلى تقسيم الاسم رجوعا ، أو أقول راجعا.
المعرفة ، وأقسامها سبعة : الاسم «إن وضع لشيء بعينه فمعرفة» ، والمراد ليستعمل في شئ بعينه ، وليس المراد التعيين الشخصيّ ، بل التعيين بوجه ما ، وقيل : الحيثية مراد ، أي ليستعمل في شيء بعينه ، من حيث إنّه بعينه ، وحاصله الإشارة إلى معيّن عند السّامع من حيث هو معيّن بوجه ما.
وبهذا تخرج النكرات عن التعريف ، لأنّ معانيها وإن وجب تعيينها عند السامع ، لكن ليس في اللفظ إشارة إليه بخلاف الضمائر الراجعة إليها ، فإنّ فيها إشارة إلى ذلك التعيّن ، وكذا المعرّف بلام العهد إذا كان المعهود منكرّا كما في قوله تعإلى : (أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً* فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ) [المزمل / ١٦ و ١٥] ، فإنّ الأوّل نكرة ، والثاني معرفة ، ولا فرق بينهما إلا بما ذكرنا من الإشارة وعدمها ، ثمّ الشئ المذكور في التعريف أعمّ ممّا وضع له اللفظ كما في الأعلام ، وممّا وضع لما يصدق عليه كسائر المعارف ، وهذا مبنيّ على ما اشتهر من أنّ المعتبر في المعرفة هو التّعيين عند الاستعمال دون الوضع ، سواء ، كان معيّنا في الوضع أم لا ، ليندرج فيه الأعلام الشخصيّة وغيرها من المضمرات والمبهمات وسائر المعارف ، فإنّ لفظ أنا مثلا لا يستعمل إلا في أشخاص معيّنة (١) ، إذ لا يصحّ أن يقال : أنا ويراد به متكلّم لا بعينه ، وليست موضوعة لواحد منها ، وإلا لكانت في غيره مجازا ، ولا لكلّ واحد منها ، وإلا لكانت مشتركة موضوعة أوضاعا بعدد أفراد المتكلّم ، وهو باطل اتّفاقا ، إذ لا يمكن أن يتصوّر واضع اللغة اصطلاحا كلّ واحدة من المخصوصات الّتي يطلق عليها لفظة أنا ، فوجب أن تكون موضوعة لمفهوم كليّ شامل لتلك الأفراد ، ويكون الغرض من وضعها له استعمالها له في أفراد المعينة دونه ، وقس عليه سائر المعارف سوي العلم.
__________________
(١) سقطت كلمه معيّنة في «ح».