من لا يعرف هذا العلم كأبي حيّان توهّما منه أنّه لا اعتراض إلا ما يقوله النحويّ ، وهو الاعتراض بين شيئين متطالبين ، قاله في المغني.
الجملة المفسّرة
ص : الثالثة «المفسّرة» وهي الفضلة الكاشفة لما تليه ، نحو : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ) والأصحّ أنّه لا محلّ لها ، وقيل : هي بحسب ما تفسّره.
ش : الجملة «الثالثة» من الجمل الّتي لا محلّ لها من الإعراب «المفسّرة» ، وتسمّى التفسيرية ، «وهي» كما قال ابن هشام في المغني «الفضلة الكاشفة» لحقيقة «ما تليه» ، قال : احترزت بالفضلة من الجملة المفسّرة لضمير الشأن ، فإنّها كاشفة لحقيقة المعنى المراد به ، ولها موضع الإجماع ، لأنّها خبر في الحال أو في الأصل ، وعن الجملة المفسّرة في باب الاشتغال ، فقد قيل : إنّها تكون ذات محلّ كما سيأتي ، وهذا التقييد أهملوه ، ولا بدّ منه ، انتهى.
قال الدمامينيّ : وهذا التعريف غير مانع لصدقه على الجملة الحالية في قولك : أسررت إلى زيد النجوى ، وهي ما جزاء الإحسان إلا الاحسان ، إذ هي فضلة كاشفة الحقيقة ما تليه من النجوى ، فيلزم أن لا يكون لها محلّ من الإعراب ، وهو باطل ، ثمّ الجملة المفسّرة في باب الاشتغال لا تخرج بقيد الفضلة في مثل قولنا : قام زيد عمرا يضربه ، لأنّها هنا مفسّرة للحال ، وهي فضلة.
وأجاب الشمنيّ بأنّ المراد بالفضلة الجملة الّتي لا محلّ لها من الإعراب ، وفيه نظر ، فيكون قوله حينئذ الكاشفة لحقيقة ما تليه فصل أخرج به ما عدا هذه الجملة من الجمل الّتي لا موضع لها.
فإن قلت : جملة الموصول كاشفة ، وموضحة للموصول ، قلت : نعم ، لكنّها لا توضح حقيقة ، بل تشير إليه بحال من أحواله ، وبهذا ظهر أنّ ترك المصنّف لفظ الحقيقة من الحدّ ليس بجيّد ، بل كان الأولى ذكره ، كما فعل ابن هشام وغيره ، نحو قوله تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران / ٥٩] ، قال فى الكشاف : قوله خلقه من تراب جملة مفسّرة لما له شبه عيسى بآدم ، أي خلق آدم من تراب ولم يكن ثمّ أب ولا أمّ ، فكذلك حال عيسى.