أغصانه أو فوق أغصانه ، لأنّ النكرة الموصوفة كالمعرفة ، فيجوز في كلّ من الجارّ والمجرور والظرف أن يكون حالا ، وأن يكون صفة أخرى.
«ولا بدّ من تعلّقهما» أي الجارّ والمجرور والظرف «بالفعل» ماضيا كان أو مضارعا أو أمرا أو بما يشبهه ، أو بما أوّل بما يشبهه «أو بما فيه رائحته» ، فمثال التعلّق بالفعل وبشهه قوله تعالى : (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الحمد / ٧] ، فعليهم الأوّل متعلّق بالفعل ، وهو أنعمت ، وعليهم الثّاني متعلّق بشبهه ، وهو المغضوب ، ومثال التعلّق بما أوّل بشبه الفعل قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ) [الزخرف / ٨٤] ، أي وهو الّذي هو إله في السماء ، ففي السّماء متعلّق بإله ، وهو اسم غير صفة بدليل أنّه يوصف ، فيقال : إله واحد ولا يوصف به ، لا يقال : شيء إله ، وإنّما صحّ التعلّق به لتأوّله بمعبود ، ومثال التعلّق بما فيه رائحة الفعل قوله [من السريع] :
٩٠٤ ـ أنا أبو المنهال بعض الأحيان |
|
... (١) |
وقوله [من الرجز] :
٩٠٥ ـ أنا ابن ماوّية إذ جدّ النّقر |
|
... (٢) |
فتعلّق بعض وإذ بالاسمين العلمين لا لتأوّلهما باسم يشبه الفعل ، بل لما فيهما من معنى قولك : المشهور أو الشجاع أو الجواد.
وتقول : فلان حاتم في قومه ، فتعلّق الظرف بما في حاتم من معنى الجود ، وإنّما لم يكن بدّ من تعلّق الجارّ والمجرور والظرف بما ذكر ، لأنّ حرف الجرّ موضوع لإيصال معنى الفعل إلى الاسم ، فالّذي وصل معناه هو الّذي يتعلّق به الحرف كقولك : سرت من البصرة ، فمن أوصلت معنى السير إلى البصرة على معنى الابتداء ، وهو متعلّق به ، فإذا قال النحويّ : بم يتعلّق هذا الحرف؟ أو ما العامل فيه؟ فإنّما يعني ما الّذي أوصل هذا الحرف معناه ، والظرف لما كان مقدّرا بحرف الجرّ كان حكمها واحدا في ذلك.
فإن قلت : يقع في عبارة بعضهم الجارّ يتعلّق بكذا ، وفي عبارة أخرين الجارّ والمجرور ، وفي عبارة أخرين المجرور ، فما هو المحرّر من هذا العبارات؟ قلت : التحقيق أنّ العامل إنّما يعمل في الاسم الّذي يلي الجارّ لا في حرف الجارّ ، وإطلاق من قال : العامل في الجارّ كذا ، تسامح ، وقول من قال : الجارّ والمجرور يتعلّق بكذا ملموح فيه أنّ الجارّ يتترّل مترلة الجزء من المجرور به فجعل التعلّق لهما معا.
__________________
(١) تمامه «ليس على حسبي بضؤلان» ، وهو لابن دارة سالم بن مسافع. اللغة : الضؤلان : الضئيل ، ويروي الصوان من الصون بمعنى الحفظ.
(٢) وبعده «وجاءت الخيل أثابيّ زمر» ، وهو لعبد الله بن مارية الطائي. اللغة : جدّ : اشتدّ ، النقر : صوت تزجي به الفرس ، الأثابي : جمع أثبيّة : بمعنى الجماعة ، الزمر : جمع الزمرة : الجماعة.