مخصوص ، وللتأديب تعليل للضرب المنفي ، وإن قصدت نفي الضرب على كلّ حال فاللام متعلّقة بالنفي والتعليل له ، أي انتفاء الضرب كان لأجل التأديب ، لأنّه قد يؤدّب بعض الناس بترك الضرب.
ومثله في التعلّق بحرف النفي : ما أكرمت المسيئ لتأديبه ، وما أهنت المحسن لمكافاته ، إذ لو علّق هذا بالفعل فسد المعنى المراد ، ومن ذلك قوله تعالى : (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) [القلم / ٢] ، الباء متعلّقة بالنفي ، إذ لو علّقت بمجنون لأفاد نفي جنون خاصّ ، وهو الجنون الّذي يكون من نعمة الله تعالى ، وليس في الوجود جنون هو نعمة ، ولا المراد نفي جنون خاصّ ، انتهى ملخّصا. وهو كلام بديع ، إلا أنّ جمهور النّحويّين لا يوافقون على صحّة التعلّق بالحروف ، فينبغي على قولهم أن يقدّر أنّ المتعلّق بفعل دلّ عليه النافي ، أي انتفي ذلك بنعمة ربّك ، قاله في المغني.
المواضع الّتي يجب فيها حذف المتعلّق
الثالث : يستثنى من قولنا لا بدّ للجارّ من متعلّق ستّة أمور :
أحدها : الزائد مطلقا ، لأنّه إنّما دخل في الكلام تقوية وتوكيدا لإيصال معنى الفعل إلى الاسم واستثنى ابن هشام منه لام التقوية ، فحكم بأنّه يجوز القول بتعلّقها ، لأنّها ليست زائدة محضة ، كما أنّها ليست معدّية محضة ، قال بعضهم : الظاهر الجزم بالتعلّق ، وفي كلامهم على لام الجحود ما يؤيّد ما قلته ، فتأمّله.
الثاني والثالث : لعلّ في لغة عقيل ولو لا في لولاي ولولاك ولولاه على قول سيبويه : إنّها جارّة للضمير ، لأنّهما لم يدخلا لإيصال معنى عامل بل لإفادة معنى الترجّي والامتناع.
الرابع : ربّ كما ذهب إليه الرمانيّ وابن طاهر خلافا للجمهور ، لأنّها لم تدخل لتعدية عامل أيضا بل لإفادة التكثير والتقليل. قال ابن هشام والجمهور : وإن قالوا : إنّها عدّت العامل في نحو ربّ رجل صالح لقيته أو لقيت فخطأ ، لأنّه يتعدّى بنفسه ولاستيفائه معموله في المثال الأوّل ، وإن قالوا : إنّها عدّت محذوفا تقديره حصل أو نحوه ، كما صرح به جماعة ، ففيه تقدير لما معنى الكلام مستغن عنه ، ولم يلفظ به في وقت.
الخامس : الجارّ المكفوف عن عمل الجرّ ، لأنّه لم يبق حرف جرّ ، بل يفيد من جهة المعنى فقط ، فلا عامل له ، كما لا معمول له ، وممّن صرّح بذلك التفتازانيّ في حاشية الكشاف عند قوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) [البقرة / ١٩٨].