وإذا اجتمع الاسم واللقب ، أخّر اللقب عن الاسم غالبا لكون اللقب أشهر ، لأنّ فيه العلميّة مع شيء من معنى النعت ، فلو أتي به أوّلا لأغني عن الاسم فلم يجتمعا ، ومن غير الغالب قوله [من الوافر] :
٣٥ ـ أنا ابن مزيقيا عمرو وجدّي |
|
أبوه منذر ماء السماء (١) |
ولا ترتيب بين الكنية وغيرها ، ثمّ إن كان اللّقب وما قبله مفردين ، أضيف الاسم إلى اللقب ، نحو : هذا زيد بطة وسعيد كرز ، على تأويل الأوّل بالمسمّى ، والثاني بالاسم ، كأنّك قلت : هذا صاحب هذا الاسم ، ولم يجز عند البصريّين أو جمهورهم في ذلك إلا الإضافة ، وأجاز الكوفيّون فيه الاتّباع والقطع بالرفع والنصب ، وهو الأولي لقولهم : هذا يحيي عينان ، وأمّا إذا لم يكونا مفردين ، فلا بدّ من الاتّباع ، سواء كانا مركّبين ، نحو : هذا عبد الله أنف الناقة ، أو أحدهما مركّبا ، نحو : هذا يزيد عائذ الكلب ، وهذا عبد الله بطّة وصرّح بعض المتأخّرين بجواز الإضافة ، إذا كان مجرّد الاسم مفردا.
تنبيه : محلّ الإضافة في المفردين حيث لا مانع كأن يكون الاسم مقرونا بأل كالحارث قفه ، أو كان اللقب وصفا في الأصل مقرونا بأل كهارون الرّشيد ومحمّد المهدي ، فلا يضاف الأوّل إلى الثاني ، نصّ على ذلك ابن خروف (٢) ، قاله في التصريح.
فلان وفلانة وأسماء الأيّام : ومن العلم ما كنّي به عنه كفلان وفلانة ، فيجري مجرى المكنّى عنه ، وأسماء الأيام عند الجمهور أعلام توهّمت فيها الصفة ، فدخلت عليها أل لللمح كالحارث والعباس ، ثمّ غلبت ، فصارت كالدّبران (٣).
فالسّبت مشتق من معنى القطع ، والجمعة من معنى الأجتماع ، وباقيها من الواحد والثاني والثالث والرّابع والخامس.
وذهب المبرّد إلى أنّها غير أعلام ، ولا ماتها للتعريف ، فإذا زالت ، صارت نكرات ، والأوّل أصحّ ، واعلم أنّه إذا قصد بكلمة ذلك اللّفظ دون معناها كقولك : أين كلمة استفهام ، وضربت فعل ماض ، فهي علم ، ذلك لأنّ مثل هذا موضوع لشئ بعينه ، غير
__________________
(١) قاله بعض الانصار. ماء السماء ، قال [الجوهريّ] في الصحاح : هو لقب عامر بن حارثة الأزدي ، وهو أبو عمرو مزيقيا الذي خرج من إليمن لما أحس بسيل العرم ، فسمّي بذلك ، لأنّه كان إذا أجدب قومه مانهم حتّي يأتيهم الخصب ، فقالوا : هو ماء السماء ، لأنّه خلف منه. البغدادي ، خزانة الأدب ، ج ٤ ، الطبعة الأولي ، بيروت ، دار الكتب العلميّة ، ١٤١٨ ه ، ص ٣٣٧.
(٢) علي بن محمد بن علي أبو الحسن ابن خروف الاندلسيّ النحويّ ، كان اماما في العربية ، محقّقا مدقّقا ، صنّف : شرح سيبويه ، شرح الجمل ، مات سنة ٦٠٩ ه. بغية الوعاة ٢ / ٢٠٣.
(٣) الدّبران : نجم بين الثّريا والجوزاء وهو من منازل القمر. قال الجوهريّ : الدبران خمسة كواكب من الثور يقال إنّه سنامه ، وهو من منازل القمر. لسان العرب ١ / ١٢٢٣ (دبر).