ش : الرابعة «أنّ بالفتح والتشديد» ، أي بفتح الهمزة وتشديد النون ، وهي «حرف تأكيد» ينصب الاسم ، ويرفع الخبر ، كما مرّ. واستشكل بعضهم إفادتها للتوكيد ، بأنّك لو صرّحت بالمصدر المنسبك منها لم يفد توكيدا ، قال ابن أمّ قاسم : وليس الاستشكال بشيء.
قال ابن هشام : والأصحّ أنّها فرع عن إنّ المكسورة ، ومن هنا صحّ للزمخشريّ أن يدّعي أنّ أنّما بالفتح يفيد الحصر كإنّما ، وقد اجتمعا في قوله تعالى : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) [الأنبياء / ١٠٨] ، فالأولى لقصر الصفة على الموصوف ، والثانية بالعكس.
قال الدمامينيّ : وفيه نظر ، إذ لا يلزم من كونها فرعا إفادتها للحصر من حيث إنّ الفرع لا يلزم مساواته للأصل في جميع أحكامه ، نعم الموجب للحصر في إنّما بالكسر عند القائل به قائم في أنّما بالفتح ، وأمّا إنّ السبب في جعل أنّما بالفتح للحصر كون المفتوحة فرعا عن المكسورة فوجه مخدوش ، كما مرّ ، انتهى.
وكونها فرع المكسورة هو مذهب سيبويه والفرّاء والمبرّد وابن السّراج ، وعليه الجمهور ، قيل : إنّها أصل المكسورة ، وقيل : هما أصلان ، وهو الظاهر من صنع المصنّف هنا وفيما تقدّم.
«وتؤوّل» أي تسبك وتفسّر «مع معموليها» ، وهو الاسم والخبر ، إذ الأصحّ أنّها موصول حرفيّ أيضا «بمصدر من لفظ خبرها ، إن كان الخبر مشتقّا ، وبالكون إن كان جامدا» فالأوّل نحو : بلغني أنّك منطلق ، التقدير بلغي انطلاقك ، ومنه : بلغني أنّك في الدار ، التقدير استقرارك في الدار ، لأنّ الخبر في الحقيقة هو المحذوف من استقرّ ومستقرّ ، «و» الثاني نحو : بلغني «أنّ هذا زيد» تقديره : بلغني كونه زيدا ، لأنّ كلّ خبر جامد يصحّ نسبته إلى المخبر عنه بلفظ الكون ، تقول : هذا زيد ، وإن شيءت قلت : هذا كائن زيدا ، ومعناهما واحد ، قاله ابن هشام وغيره.
وقدّره الرضىّ بقولك : بلغني زيديّته ، فإنّ ياء النسبة إذا لحقت آخر الاسم وبعدها التاء أفادت معنى المصدر ، نحو : الفرسيّة والضاربيّة والمضروبيّة ، ثمّ هذا التأويل إذا كان ما يؤوّل مثبتا ، فإن كان منفيّا أتيت بلفظ عدم بدل أداة النفي ، وأضفته إلى المصدر الّذي تقدّره ، فتقول في نحو : بلغني أنّك لم تنطلق : بلغني عدم انطلاقك ، وفي نحو : بلغني أنّ هذا ليس زيدا ، بلغني عدم كونه زيدا أو عدم زيديّته.
وزعم السهيليّ أنّ الّذي يؤوّل بالمصدر إنّما هو أن الناصبة للفعل ، لأنّها أبدا مع الفعل المتصرّف ، وأنّ المشدّدة أنّما تؤوّل بالحديث ، فإذا قلت : بلغني أنّ زيدا قائم ،