فالمعنى بلغني هذا الحديث : قال : وهو قول سيبويه ، ويؤيّده أنّ خبرها قد يكون اسما محضا ، نحو : علمت أنّ الليث الأسد ، وهذا لا يشعر بالمصدر ، انتهى. وقد مضي أنّ هذا يقدّر بالكون ، فلا تخرج بذلك عن المصدريّة ، ولك تقديره بالأسديّة ، كما قاله الرضيّ ، فيفيد معنى المصدريّة.
إنّ
ص : إنّ بالكسر والتشديد ترد حرف تأكيد ، تنصب الاسم ، وترفع الخبر ، ونصبهما لغة ، وقد تنصب ضمير شأن مقدّر ، فالجملة خبرها ، وحرف جواب كنعم ، وعدّ المبرّد من ذلك قوله تعالى : (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ،) وردّ بامتناع اللّام في خبر المبتدإ.
ش : الخامسة «أنّ بالكسر والتشديد» أي بكسر الهمزة وتشديد النون ترد على وجهين :
أحدهما : أن تكون «حرف تأكيد» وإفادتها للتأكيد بدليل تلقّي القسم بها ، «تنصب الاسم وترفع الخبر» ، كما مرّ في الحديقة الثانية فيما يتعلّق بالأسماء ، «ونصبهما» أي نصبها للاسم والخبر «لغة» لبعض العرب كقوله [من الطويل] :
٩٣٢ ـ إذا اسودّ جنح الليل فلتأت ولتكن |
|
خطاك خفافا إنّ حرّاسنا أسدا (١) |
وفي الحديث : إنّ قعر جهنم سبعين خريفا (٢). وهذه اللغة ليست مختصّة بأنّ عند من أثبتها ، بل جارية في جميع الحروف المشبّهة ، نعم خصّها الفرّاء بليت ، والجمهور على إنكارها مطلقا وتاويل شواهدها كما مرّ مستوفيا.
«وقد تنصب» أي إنّ «ضمير شأن» محذوف «مقدّر» ، فتكون «الجملة» بعدها خبرها ، كقوله (ع) : إن من أشدّ الناس عذابا يوم القيامة المصوّرون (٣). الأصل إنّه أي الشأن ، والجملة خبره ، وخرّجه الكسائيّ على زيادة من في اسم إنّ ، والبصريّون غير الأخفش يأبونه ، لأنّ الكلام إيجاب ، والمجرور معرفة على الأصحّ ، وهم يخالفون في الشقّين ، ويشترطون كون المجرور نكرة ، وكونه بعد نفي أو شبهه ، وصرّح جماعة بأنّ حذف هذا الضمير ضعيف.
__________________
(١) تقدّم برقم ١٤٣.
(٢) تقدّم في ص ٢٢٤.
(٣) تقدّم في ص ٢٢٨ و ٤٧٧.