الثالث : ذكر ابن الحاجب في الشافية أنّ هذه اللغة ضعيفة ، وتعقبه بعض الأئمة ، فقال قد تكلّم بها سيد الفصحاء ، فالحكم عليها بالضعف لا يوافق عليه.
أمّا
ص : أمّا بالفتح والتّشديد ، حرف تفصيل غالبا ، وفيها معنى الشّرط للزوم الفاء ، والتزم حذف شرطها ، وعوّض بينهما عن فعلها جزء ممّا في حيّزها ، وفيه أقوال ، وقد تفارق التفضيل ، كالواقعة في أوائل الكتب.
ش : التاسعة «أمّا بالفتح والتشديد» ، أي بفتح الهمزة وتشديد الميم ، وقد تبدل ميمها الأولى ياء ، استثقالا للتضعيف ، كقول عمر بن أبي ربيعة [من الطويل] :
٩٤٨ ـ رأت رجلا أيما إذا الشمس عارضت |
|
فيضحى وأيما بالعشيّ فيخصر (١) |
وهي «حرف تفضيل غالبا» ، لا اسم على ما يتوهّم من تفسيرها بمهما يكن من شيء ، وكونها للتفضيل يدلّ عليه استقراء مواردها وعطف مثلها عليها قال تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) [البقرة / ٢٦] ، (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ* وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ) [الضحى / ١٠ و ٩].
قد يترك تكرارها استغناء بذكر أحد القسمين عن الأخر ، بكلام يذكر بعدها في موضع ذلك القسم الآخر ، فالأوّل نحو : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً* فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ) [النساء / ١٧٥ و ١٧٤] ، وقسيمه في المعنى وأمّا الّذين كفروا به فلهم كذا وكذا.
والثاني نحو : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) [آل عمران / ٧] ، وقسيمه في المعنى ، وأمّا غيرهم فيؤمنون به ويكلون معناه إلى ربّهم بدليل قوله تعالى : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) [آل عمران / ٧] ، أي كلّ من المتشابه والمحكم من عند الله ، والإيمان بهما واجب ، فكأنّه قيل : وأمّا الراسخون في العلم فيقولون.
__________________
(١) اللغة : عارضت : غدت في عرض السماء ، يضحي : يبرز للشمس ، يخصر : يبرد ، والبيت كناية عن مواصلة السفر في النهار وفي العشي.