ولتوكيد تقرير ما قبلها بعد النفي والنهي ، ومنعها ابن درستويه بعد النفي ، وزاد ابن العصفور النهي قالا : لأنّه لم يسمع ، وردّ بقوله [من البسيط] :
٩٦٦ ـ وما هجرتك لا بل زادني شغفا |
|
هجر وبعد تراخى لا إلى أجل (١) |
وقوله [من الخفيف] :
٩٦٧ ـ لا تملّنّ طاعة الله لا بل |
|
طاعة الله ما حييت استديما (٢) |
قاله في الهمع تبعا لابن هشام في المغني ، وما ذكره من أنّها زائدة قبل بل لتوكيد الإضراب بعد الإيجاب محلّ نظر.
وقد قال الرضيّ : إذا ضممت لا إلى بل بعد الإيجاب نحو : قام زيد لا بل عمرو ، واضرب زيدا لا بل عمرا ، فمعنى لا يرجع إلى ذلك الإيجاب والأمر المتقدّم لا إلى ما بعد بل ففي قولك : لا بل عمرو ، نفيت بلا القيام عن زيد ، وأثبتّه لعمرو ، ولو لم تجيء بلا لكان قيام في حكم المسكوت عنه ، يحتمل أن يثبت وأن لا يثبت ، وكذا في اضرب زيدا لا بل عمرا ، أى لا تضرب زيدا ، بل اضرب عمرا ، ولو لا لا المذكورة لاحتمل أن يكون أمرا بضرب زيد ، وأن لا يكون مع الأمر بضرب عمرو ، هذا كلامه ، وهو نصّ في أنّ لا الواقعة قبل بل فيما ذكر ليست بزائدة ، بل أتى بها لتأسيس معنى لم يكن قبل وجودها ، فالقول بزيادتها ليس بشيء ، ومن حاول التقصّي عن ذلك يحمل الزيادة على معنى أنّها ليست للعطف فقد تمحّل.
حاشا
ص : حاشا ترد للاستثناء حرفا جارّا ، أو فعلا جامدا ، وفاعلها مستتر عائدا إلى مصدر ، يصاغ ممّا قبلها ، أو اسم فاعل ، أو بعض مفهوم ضمنا منه ، للتتريه ، نحو : حاشا لله ، وهل هي اسم بمعنى براءة ، أو فعل بمعنى برئت ، أو اسم فعل بمعنى أبرّأ ، خلاف.
ش : الثالثة عشرة «حاشا» ترد «للاستثناء حرفا جارّا» ، فيجرّ المستثنى بعدها كما مرّ في بابه ، «أو فعلا» متعدّيا «جامدا» قاصرا على لفظ الماضى فلا يتصرّف بمضارع ولا أمر لتضمّنه معنى إلا ، فينتصب المستثنى بعده كما مرّ ، و «فاعلها» حينئذ ضمير مستتر عائد إلى مصدر يصاغ ممّا قبلها ، سواء كان ما قبلها فعلا ، نحو : قام القوم حاشا زيدا ، المعنى
__________________
(١) لم يسمّ قائله. اللغة : هجر : ترك ، شغفا : مصدر شغف به وبحبّه بمعنى أحبّه وأولع به ، التراخي : زمان يسير.
(٢) البيت مجهول القائل.