قال : وإنّما هى لمطلق الجمع كالواو ، والحقّ أنّها تفيد الترتيب والمهلة ، لكن ذهنا لا خارجا كما بيّنّاه ، وعليه جماعة من المحقّقين ، وهو كالتوسّط بين القولين.
«وتختصّ» حتّى العاطفة «بالظاهر عند بعض» أى بعض النحويّين ، فلا تعطف المضمر ، فلا يقال : ضربت الناس حتى إيّاك ، وقاموا حتّى أنت ، ذكره ابن هشام الخضراوىّ ، وقال ابن هشام الأنصارىّ فى المغنى : ولم أقف عليه لغيره ، وقال فى شرح اللمحة : هو حقّ حتّى يشهد بصحّته الاستعمال والقياس ، وقد أسلفنا بعض أحكام حتّى هذه فى باب عطف النسق ، فليرجع إليه.
جماعة باسم ابن هشام
فائده : ابن هشام جماعة : الأوّل : عبد الملك بن هشام صاحب السيرة ، والثاني : محمد بن يحيى بن هشام الخضراوىّ ، والثالث : محمد بن أحمد بن هشام اللخميّ ، والرابع : الشيخ جمال الدين عبد الله بن يوسف بن هشام الأنصاريّ الحنبليّ صاحب التصانيف المشهورة ، منها مغنى اللبيب ، قاله فى المزهر.
ولابن هشام الخضراويّ كتاب فى النحو يسمّى بالمغني أيضا ، وكثيرا ما يقول الرضيّ في شرح الكافية : قال ابن هشام في المغني ، فيظنّ من لا علم له أنّه الأنصاريّ ، وليس كذلك ، وإنّما هي الخضراويّ ، إذ لا يصحّ نقل الرضيّ عن مغني ابن هشام الأنصاريّ ، لأنّ الرضيّ أقدم منه زمانا ، فإنّ الرضيّ توفّي سنة ستّ وثمانين وستمائة ، وابن هشام الأنصاريّ ولد سنة ثمان وسبعمائة ، وتوفّي سنة إحدى وستين وسبعمائة. وإنّما نبّهت على ذلك ، لأنّ بعض الناس وقع في هذا الوهم ، فأحببت التنبيه عليه هنا بمناسبة ذكر الخضراويّ والأنصاريّ.
«و» الثانى : أن تكون «حرف ابتداء» أى حرف تبتدئ بعده الجمل ، أى تستأنف ، ولا يكون لها تعلّق بما قبلها من حيث الإعراب ، وإن وجب تعلّقها به من حيث المعنى ، فتدخل على الجملة الاسميّة كقوله [من الطويل] :
٩٧١ ـ ما زالت القتلى تمجّ دماءها |
|
بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل (١) |
وعلى الفعليّة الّتى فعلها مضارع ، نحو : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [البقرة / ٢١٤] في قراءة نافع ، والّتى فعلها ماض ، نحو : (حَتَّى عَفَوْا وَقالُوا) [الأعراف / ٩٥] ، (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ) [آل عمران / ١٥٢] ، وادّعى ابن مالك أنّها جارّه لإذ مضمرة في
__________________
(١) هو لجرير. اللغة : القتلى : جمع قتيل ، تمجّ : من مجّ الماء أو الشراب من فيه أى لفظه ، ورمى به ، الأشكل : الأبيض تخالفه حمرة.