والظاهر ما ذهب إليه الأخفش والكوفيّون في المسالة ، والمقارنة مفهومة بدلالة سياق الكلام على الحالية ، ولا حاجة إلى تكلّف شيء من التعليلات ، فإن قلت : لا شكّ في جواز اقتران الماضي المثبت بقد إجماعا ، وعند وجودها يلزم أن يكون الماضي قريبا من الحال ، فيشكل كلام الكوفيّين ومن وافقهم لوجود التدافع في مثل : جاء زيد وقد ركب ، إذ وقوعه حالا يقتضى مقارنته للعامل الماضي ، وقد يقتضي قرب زمانه منه لاقترانه به. قلت : لا تدافع ، لأنّا لا نسلم أنّ قد حينئذ للتقريب ، بل هي للتحقيق ، سلمنا كونها للتقريب ، لكن لا نسلم التدافع ، إذ لا مانع من أن يكون زمان الركوب المفيد للمجيء الماضي كان قريبا منه بدليل قد ، ثمّ قارنه بدليل تقييده به لوقوعه حالا ، والحاصل أنّه إن وجدت قرينتان لا تضادّ بين مقتضيهما قربت على كلّ واحد ما يقتضيه ، فلا إشكال ، انتهى.
قلت : وفيه نظر ، فإنّ قد في بعض الصور لازمة إجماعا ، فلا تخلو إمّا أن تكون للتحقيق أو للتقريب ، أمّا الأولى فلا وجه للزومها هنا ، وأمّا الثانية فعلى مقتضى ما قرّره ينبغى أن تكون لازمة ، والإجماع على لزومها.
تنبيه : كان المصنّف إنّما أتى بصيغة التمريض في قوله : قيل : وقد تقرّبه من الحال نظرا إلى البحث المذكور ، وليس في محلّه ، فإنّ قد تقرّب الماضي من الحال بالإجماع ، والبحث أنّما يرد على تعليل التزامهم لها في الحاليّة المصدّرة به ، فكان الصواب أن يحكى بقيل قوله : ومن ثمّ ، ليتجه التمريض إلى البحث. وقد ذكرنا في صدر الكتاب لقد ستّة معان ، فلا نطول بالإعادة.
قط
ص : قط ترد اسم فعل بمعنى إنته ، وكثيرا ما تجيء بالفاء ، نحو : قام زيد فقط ، وظرفا لاستغراق الماضي منفيّا ، وفيها خمس لغات ، ولا تجامع مستقبلا.
ش : السابعة عشرة «قط ، ترد على ثلاثة أوجه» :
أحدها : أن تكون «اسم فعل» مبنيّا على السكون ، واختلف في معناها ، فقال الزمخشريّ في المفصّل والتفتازانيّ في المطول ـ وتبعها المصنّف ـ : هو «بمعنى إنته» ، وقال الجمهور : بمعنى يكفي ، كما قالوه في قد ، حتّى اختلفوا ، هل هما كلمتان مستقلّتان ، أو الدّالّ في قد بدل من الطاء ، فذهب إلى كلّ جماعة ، والأوّل أشهر ، ويقال فيها : قطني بنون الوقاية ، «وكثيرا ما تجيء» مقرونة «بالفاء» تزيينا للفظ ، نحو : «قام زيد فقط» ،