٩٩٥ ـ كم نالنى منهم فضلا على عدم |
|
إذا لا أكاد من الإقتار أحتمل (١) |
«مفردا» كان مميّزها «أو مجموعا» ، تقول : كم عبد ملكت! أو كم عبيد ملكت! ، قال [من مجزوء المديد] :
٩٩٦ ـ كم ملوك باد ملكهم |
|
ونعيم سوقة بادوا (٢) |
وكونه مفردا أكثر في الاستعمال وأبلغ في المعنى ، حتّى ادّعى بعضهم أنّ الجمع على نيّة معنى الواحد ، فكم رجال على معنى كم جماعة من الرجال ، ودخل في المفرد ما يؤدّى معنى الجمع ، نحو : كم قوم صدقوني ، قاله في التصريح.
وإنّما كان مميّز الخبريّة مجرورا مفردا ، لأنّها كانت للتكثير ، وصار تمييزها كتمييز العدد الكثير ، وهو المائة والألف ، وجاز الجمع فيه ، ولم يجز في العدد الصريح ، لأنّ في لفظ العدد الكثير ما ينبئ عن كميّة الكثرة صريحا ، وكم الخبريّة ليست مثله في التصريح ، فجعل جمعه كأنّه نائب عن معنى التصريح في مثله ، وحكي عن تميم نصبه مطلقا ، وروي قول الفرزدق [من الكامل] :
٩٩٧ ـ كم عمة لك يا جرير وخالة |
|
فدعاء قد حلبت عليّ عشارى (٣) |
بالنصب إمّا حملا على هذه اللغة التميميّة ، وإمّا على تقديرها استفهاميّة استفهام تهكّم ، أي أخبرني بعدد عمّاتك وخالاتك اللّاتي كنّ يخدمنني ، فقد نسيته وعليهما فكم مبتدأ ، وخبره قد حلبت ، وإفراد الضمير حملا على لفظ كم ، أو على أنّه عائد على مجموع من تقدّم ، كما في قولك : النساء فعلت ، ويروى بالجرّ على قياس تمييز الخبريّة ، وبالرفع على أنّه مبتدأ.
وإن كان نكرة لكونه وصفا بلك وبفدعاء محذوفة مدلولا عليها بالمذكورة ، إذ ليس المراد تخصيص الحالة بوصفها بالفدع ، كما حذفت لك من صفة خالة استدلالا عليها ، بل الأولى ، والخبر قد حلبت ، ولا بدّ من تقدير قد حلبت أخرى ، لأنّ المخبر عنه فى هذا الوجه متعدّد لفظا ومعنى ، ونظيره : زينب هند قامت ، وكم على هذا الوجه ظرف أو مصدر ، والتمييز محذوف ، أي كم وقت أو حلبة ، وإذا نصب التمييز بفصل أو بغير فصل جاز كونه أيضا مفردا أو جمعا ، كما إذا جرّ.
__________________
(١) هو للقطامى ، اللغة : على عدم : مع عدم ، والعدم بمعنى الفقر والاحتياج ، الإقتار : مصدر أقتر بمعنى افتقر وضاق عيشه.
(٢) لم يذكر قائله. اللغة : باد : هلك ، سوقة : الرعية وما دون الملك.
(٣) اللغة : فدعاء : المرأة الّتى اعوجت إصبعها من كثرة حلبها ، يقال : الفدعاء هي الّتي أصاب رجلها الفدع من كثرة مشيها وراء الإبل ، العشار : جمع عشراء ، الناقة الّتي أتي عليها من وضعها عشره أشهر.