وتقع كيف الاستفهاميّة خبرا في نحو : كيف زيد؟ وكيف كنت؟ فكيف في الأوّل خبر المبتدإ ، وفي الثاني خبر كان ، قدّم فيهما للزومه الصدر ، وتقع مفعولا في نحو : كيف ظننت زيدا؟ وكيف أعملته فرسك؟ فهي في الأوّل مفعول ثان لظنّ ، وفي الثاني مفعول ثالث لأعلم (١).
ومنهم من جعل هذا من قبيل الخبر أيضا ، لأنّ ثاني مفعول ظنّ وثالث مفعولات أعلم خبران في الأصل ، والمراد بنحو ذلك في النوعين أن تقع قبل ما لا يستغنى به عنها ، وهو ما لا يستقلّ بدونها كلاما كما في الأمثلة.
وتقع حالا في نحو : كيف جاء زيد؟ فكيف حال من زيد. والمراد بنحوه أن تقع قبل ما لا يستغنى به عنها ، أي يستقلّ بدونها كلاما ، لأنّه يصحّ أن يقال : جاء زيد ، ثمّ ادخلت كيف استفهاما عن هيئة مجيئه ، أي على حالة جاء زيد ، قال ابن هشام : وعندي أنّها تأتي في هذا النوع مفعولا مطلقا أيضا ، وأنّ منه : (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ) [الفيل / ١] ، ولا يتّجه فيه أن يكون حالا من الفاعل ، انتهى. أي لأنّ في ذلك وصفه تعالى بالكيفية ، وهو ممتنع.
تنبيهات : الأوّل : عن سيبويه أنّ كيف ظرف ، وأنكره الأخفش والسيرافيّ ، وقالا : هي اسم غير ظرف ، ورتّبوا على الخلاف أمورا أحدها : أن موضعها عند سيبويه نصب دائما ، وعندهما رفع مع المبتدإ ونصب مع غيره. الثاني : أنّ تقديرها عند سيبويه في أيّ حال ، أو على أيّ حال ، وعندهما تقديرها في نحو : كيف زيد؟ أصحيح زيد؟ وفي كيف جاء زيد؟ أراكبا جاء زيد؟ ونحوه. الثالث : الجواب المطابق عند سيبويه أن يقال على خبر ونحوه ، هذا إن أجيب على اللفظ ، وإن أجيب على المعنى دون اللفظ ، قيل : صحيح أو سقيم ، أو عندهما على العكس.
وقال ابن مالك : لم يقل أحد إنّ كيف ظرف ، إذ ليست زمانا ولا مكانا ، ولكنّها لما كانت تفسّر بقولك : على أىّ حال لكونها سوالا عن الأحوال العامّة سمّيت ظرفا ، لأنّها في تأويل الجارّ والمجرور ، واسم الظرف يطلق عليها مجازا ، انتهى.
قال ابن هشام : وهو حسن ، ويؤيّده الإجماع على أنّه يقال : في البدل كيف أنت؟ أصحيح أم سقيم؟ بالرفع ، ولا يبدل المرفوع من المنصوب.
الثانى : زعم قوم أنّ كيف تأتي عاطفة ، وممّن زعم ذلك عيسى بن موهب (٢) في كتاب العلل ، وأنشد عليه [من الطويل] :
__________________
(١) سقطت هذه الفقرة في «ح».
(٢) لم أجد ترجمة حياته.