الهمزة الّتي قبلها مدّة ، وهي عند البصريّين بدل من الألف المقصورة ، ومذهب الكوفيّين والزجاجيّ أنّ الهمزة ليست مبدلة من الألف ، وإنّما هي علامة التأنيث ، ومذهب الأخفش (١) أنّ الألف والهمزة معا علامة التأنيث (٢).
وزاد الكوفيّون في علامة التأنيث تاء بنت وأخت ، والألف والتاء في نحو المسلمات ونحوه ، قاله في الإرتشاف. وذهب الزمخشريّ إلى أنّ إلياء أيضا علامة التأنيث في نحو ذي ، والأخفش والمازنيّ في نحو : قومي وتقومين ، والفاعل مستتر.
قال الرضيّ : والأولي أن يقال في ذي : هذه الصيغة بكمالها موضوعة للمؤنّث ، وليس في اسم الإشارة ما هو على حرف واحد ، وأمّا إلياء في تفعلين ، فالأولي أنّه اسم لا حرف تانيث ، انتهى.
المذكّر هو الأصل : «ولو» كان وجودها «تقديرا» ، أي : مقدّرا ، فما وجد فيه علامة التأنيث لفظا «كناقة» ، وتقديرا «كنار فمونث ، وإلا» توجد فيه علامة التأنيث لا لفظا ولا تقديرا «فمذكر» وهو الأصل لدليلين : أحدهما : أنّه ما من مذكّر ولا مؤنّث إلا ويطلق عليه شئ ، وشيء مذكّر ، والثاني : أنّه لا يفتقر إلى زيادة ، والتانيث لا يحصل إلا بزيادة ، وعلى هذا فكان الأنسب تقديم المذكّر ، إلا أنّه أخّره ، لأنّ تعريفه يشمل على سلب تعريف المؤنّث ، والسلب مسبوق بالإيجاب في التعقل ، فجعل في الذكر كذلك.
إذا قصد لفظ الاسم جاز تذكيره وتأنيثه : تنبيهات : الأوّل : لا يتحقّق التذكير والتأنيث في الأسماء إلا إذا قصد مدلولها ، فإن قصد الاسم جاز تذكيره باعتبار اللفظ ، وتأنيثه باعتبار الكلمة ، وكذا الفعل والحرف وحروف الهجاء ، يجوز فيها الوجهان بالاعتبارين. وزعم الفراء (٣) أنّ تذكير حروف الهجاء لا يجوز إلا في الشعر ، قاله المراديّ في شرح التسهيل.
__________________
(١) حذف الأخفش في «ح» ، ومن مذهب الكوفيّين حتي الأخفش محذوف في «س».
(٢) يبدو أنّ مذهب الأخفش أصحّ ، لأنّ الألف والهمزة إذا اجتمعتا في كلمة وكانتا زائدتين نحكم بأنّها مؤنّث ، وهذا هو رأي ابن مالك حيث يقول :
علامة التأنيث تاء أو ألف |
|
وفي أسام قدّروا التا كالكتف |
وألف التأنيث ذات قصر |
|
وذات مدّ نحو أنثي الغرّ |
(شرح ابن عقيل ٢ / ٤٢٩)
(٣) يحيي بن زياد بن عبد الله إمام العربية أبو زكرياء المعروف بالفرّاء ، كان أعلم الكوفيّين ، بالنحو بعد الكسائيّ ، صنّف : معاني القرآن ، المصادر في القرآن و... مات سنة ٢٠٧ ه ، المصدر السابق ، ٢ / ٣٣٣.