الثاني : لا يقدّر من علامات التأنيث إلا التاء ، لأنّ وضعها على العروض والانفكاك ، فيجوز أن تحذف لفظا ، وتقدّر بخلاف الألف (١) ، وهي تقدّر قياسا في الصفات المختصّة بالمؤنّث على وزن «فاعل» ومفعل» ، كحائض ومرضع ، إن أريد الثبوت بتأويل شخص حائض وإنسان مرضع عند سيبويه ، وبمعنى النسبة ، أي ذات حيض وذات رضاع عند الخليل ، لا لاختصاصها بالمؤنّث ، كما ذهب إليه الكوفيّون لورود الضامر بلا اختصاص ، والمرضعة مع الاختصاص ، وسماعا نحو العين والأذن.
قال الرضيّ : ودليل كون التاء مقدرة دون الألف رجوعها في التصغير ، في نحو : هنيدة في هند ، وقديرة في قدر ، وأمّا الزائد على الثّلاثي ، فحكموا فيه أيضا بتقدير التاء قياسا على الثلاثي ، إذ هو الأصل ، وقد ترجع التاء فيه أيضا شاذّا ، نحو : قديديمة (٢) ووريئة (٣) ، انتهى.
ما يعرف به تأنيث ما لم تظهر العلامة فيه (٤) : الثالث : يعرف تانيث ما لم تظهر العلامة فيه بتصغيره ، إن كان المكبّر ثلاثيّا ، ويقع في غيره شذوذا ، كما ذكر ، وبوصفة ، ونعني به المعنويّ لا الصناعيّ ليشمل النعت ، نحو : (وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) [الحاقة / ١٢] ، (فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ) [الغاشية / ١٢] ، (بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ* بَيْضاءَ) [الصّافات / ٤٦ و ٤٥] ، والخبر ، نحو : دارك واسعة ، والحال ، نحو : (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً) [الأنبياء / ٨١] وبضميره ، نحو : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها) [الشمس / ١] ، وبالإشارة ، نحو : (تِلْكَ الدَّارُ) [القصص / ٨٣] ، وبتجرّد عدده من الثّلاثة إلى العشرة ، نحو : ثلث أزرع ، وعشر أرجل ، وبجمعه على مثال خاصّ بالمؤنّث ، كفواعل من الصفات ، كطوالق وحوائض ، أو على مثال غالب فيه ، وذلك فيما هو على وزن عناق وذراع وكراع (٥) ويمين ، فجمعهما في المؤنّث غالبا على أفعل. وقد جاء في المذكّر قليلا ، كمكان وأمكن ، ويعلم أيضا بالحاق علامة التأنيث بفعله المسند إليه ، نحو : طلعت الشمس ، و (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) [القيامة / ٢٩].
__________________
(١) هذا هو رأي صاحب الكافية في النحو (٢ / ١٦١). وذهب ابن عقيل إلى أنّ التاء أكثر في الاستعمال من الألف ، ولذلك قدّرت في بعض الأسماء كعين وكتف. (شرح ابن عقيل ٢ / ٤٢٩).
(٢) قديديمة : تصغير قدّام ، ظرف مكان بمعنى أمام.
(٣) ورئيية : تصغير وراء.
(٤) قد جاء في حاشية الصبان : ما لا يتميّز مذكّره عن مؤنّثه فإن كان فيه التاء فهو مؤنث مطلقا كالنملة والقملة للمذكّر والمؤنّث ، وإن كان مجرّدا من التاء فهو مذكر مطلقا كالبرغوث للمذكّر والمؤنّث ، قاله أبو حيان. حاشية الصبان ، ص ١٢٠.
(٥) الكراع : من الإنسان : ما دون الركبة إلى الكعب.