المونث اللفظيّ والحقيقيّ : «والمؤنّث» ينقسم إلى حقيقيّ التأنيث ولفظيّة ، فهو «إن كان ذا فرج» سواء كان ظاهر العلامة كضاربة وحبلي ونفساء ، أو مقدّرها كزينب وسعاد ، «فحقيقيّ» التأنيث ، ولا يكون إلا حيوانا ، و «إلا» يكن ذا فرج ، سواء كان ظاهر العلامة أيضا كغرفة وصحراء وبشري ، أو مقدرها كما تقدّم ، «فلفظيّ» التأنيث ، وهو قد يكون حيوانا أيضا كدجاجة ذكر وحمامة ذكر.
قد يذكّر المؤنّث وبالعكس : فائدتان : الأولى : قد يذكّر المؤنّث وبالعكس ، حملا على المعنى ، فالأوّل كقولة [من الطويل] :
٤٢ ـ أري رجلا منهم أسيفا كأنّما |
|
يضمّ إلى كشحيه كفّا مخضّبا (١) |
ذكّره على معنى العضو.
والثاني كقول بعضهم : جاءته كتابي فاحتقرها ، فيما حكاه الأصمعيّ (٢) عن أبي عمر. وقال سمعت رجلا من أهل إليمن يقول : فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها ، فقلت له : أتقول : جاءته كتابي؟ فقال : نعم أليس بصحيفة ، قلت : فما اللّغوب؟ قال : الأحمق.
ومن تأنيث المذكّر حملا على المعنى تأنيث المخبر عنه لتأنيث الخبر ، نحو : قوله تعإلى (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ...) [الأنعام / ٢٣] ، أنّث المصدر المنسبك من أنّ والفعل ، وهو المخبر عنه لتأنيث الخبر ، وهو فتنتهم.
إذا اجتمع المذكّر والمؤنّث غلب المذكّر : [الفائدة] الثانية : إذا اجتمع المذكّر والمؤنّث ، غلب المذكّر ، وبذلك استدلّ على أنّه الأصل ، وهذا التغليب يكون في التثنية وفي الجمع وفي عود الضمير وفي الوصف وفي العدد ، قاله في الأشباه والنظائر.
__________________
(١) هو للأعشى ، والشاهد في قوله : كفّا مخضّبا ، فإنّ الظاهر أنّ قوله : مخضّبا نعت لقوله : كفّا ومخضّب وصف مذكّر ، ومن المعلوم أن النعت الحقيقيّ يجب أن يطابق منعوته في التذكير والتأنيث ، ولهذا قال النحاة : أنّه النعت حملا على المعنى ، فالكفّ يطلق عليها لفظ «عضو» والعضو مذكّر ، ويجوز أن يكون : مخضّبا صفة لرجل أو حالا من الضمير المستتر في يضمّ ، أو من المخفوض في كشحيحه. إميل بديع يعقوب ، المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية ، المجلد الأوّل ، الطبعه الأولي ، دار الكتب العلميّة ، بيروت ١٤١٣ ه ق ، ص ٤٢.
(٢) عبد الملك بن قريب أبو سعيد الأصمعي البصريّ اللغويّ أحد أئمة اللغة ، روي عن أبي عمرو بن العلاء ، صنّف : الاشتقاق ، كتاب اللغات النوادر و... مات سنة ٢١٦ ه ق. بغية الوعاة ، ٢ / ١٢.