وقد انفردت تاء التأنيث بلحاقها بنعم ، كما انفردت تاء الفاعل بلحاقها بتبارك ، كذا قيل ، وقال الشهاب البخاريّ (١) : إنّ تبارك تقبل التاءين تقول : تباركت يا الله وتباركت أسماء الله ، وهو حسن إن ساعفه السّماع ، وإلا فلا عبرة به ، إذ اللغة لأثبتت بالقياس.
الفعل المضارع ، الخلاف في مدلوله من الزمان : «أو» يقترن الفعل «بزمان مستقبل» وهو بكسر الباء وفتحتها ، والأوّل أرجح والثاني أشهر ، وهو الزمان الممتدّ من بعد زمان التّكلّم إلى آخر زمان الإمكان «أو» بزمن «حال» ، وهو زمان التّكلّم ، وليس هو قسما ثالثا من الزمان خارجا عن الماضي والمستقبل ، بل هو أجزاء ملفّقة من أواخر الماضي وأوائل المستقبل. «وضعا فمضارع». فهو حقيقة في المستقبل والحال معا.
هذا قوله ، وفيه أربعة أقوال أخر : أحدها : أنّه حقيقة في الحال ، مجاز في الاستقبال ، الثاني : عكسه ، والثالث : أنّه حقيقة في الحال ، ولا يستعمل في الاستقبال أصلا لا حقيقة (٢) ولا مجازا ، الرابع : عكسه.
وما ذهب إليه المصنّف هو المشهور ، وهو ظاهر كلام سيبويه على ما ذكره أبو حيّان في الإرتشاف. قال ابن الحاجب في شرحه على المفصّل ، هو الصحيح ، لأنّه يطلق عليهما إطلاقا واحدا كأطلاق المشترك ، فوجب القول به كسائر المشتركات.
واختار الرضيّ القول الأوّل من الأقوال الأربعة ، وهو كونه حقيقة في الحال مجازا في الاستقبال ، قال : لأنّه إذا خلا من القرائن لم يحمل إلا على الحال ، ولا يصرف إلى الاستقبال إلا لقرينة ، وهذا شأن الحقيقة والمجاز.
وقوله : وضعا ، أي : بأصل الوضع ، فلا ينتقض منعه بالماضي المنصرف إلى الحال أو الاستقبال لعارض كما مرّ ، ولا جمعه بما انصرف منه إلى المضيّ بأداة ، نحو : لم ولمّا الجازمة ولو الشرطية غالبا ، وإذ وربّما وقد التعليليّة دائما ، والتحقيقيّة في بعض المواضع ، فإنّه ينصرف بذلك إلى المضيّ ، لكن ليس ذلك بأصل الوضع فلا نقض ، وسمّي هذا الفعل مضارعا من المضارعة ، وهي المشابهة لمشابهته الاسم في أنّ كلّا منهما تطرأ عليه بعد التركيب معان مختلفة ، تتعاقب على صيغة واحدة فيفتقر بالتمييز بينهما إلى الإعراب.
__________________
(١) لعلّه أبو بكر بن يعقوب بن سالم النحويّ شهاب الدين ، كان من تلامذة ابن مالك ، كان ماهرا في العلوم وصنّف تصانيف مفيدة ، مات سنة ٧٠٣ ه ، المصدر السابق ١ / ٤٧٣.
(٢) من حقيقة في الحال حتي هنا سقطت في «س».