ذلك في سورة البقرة ، فقال في (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ) [البقرة / ١٣٧] ، معنى السين أنّ ذلك كائن لا محالة وإن تأخّر إلى حين ، وصرّح به في سورة براءة فقال : (أُولئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ) [التوبة / ٧١] السين مفيدة وجود الرحمة لا محالة ، فهي تؤكّد الوعد كما تؤكّد الوعيد ، إذا قلت : سأنتقم منك (١) ، انتهى.
«و» يختصّ «بلم» وكذا كلّ الجوازم ، وإنّما اختصّ بلم ، لأنّها لمعنى لا يصلح إلا له ، وهو قلبه ماضيا. وذهب قوم إلى أنّها تدخل على لفظ الماضي فتصرفه إلى لفظ المضارع ، ومعنى المضيّ باق فيه ، ووجهّوه بأنّ المحافظة على المعنى أولي من المحافظة على اللّفظ.
قال المراديّ في الجنى الداني (٢) : والأوّل هو الصحيح ، لأنّ له نظيرا ، وهو المضارع بعد لولا ، والقول الثاني لا نظير له. قال ابن مالك في شرح الكافية : وتمييز المضارع بلم مغن عن علاماته الأخر ، وإن تساوت في الاختصاص به.
«و» يختصّ بافتتاحه «بإحدى زوائد أنيت» ، أي : الزوائد الّتي جمعتها كلمة أنيت ، أي أدركت ، وإنّما سمّيت زوائد ، لأنّها ليست أصليّة في الفعل ، وتسمّى حروف المضارعة ، وإذا أريد تمييز المضارع بها ، اشترط في الهمزة أن تكون للمتكلّم وحده ، مذكّرا كان أو مؤنّثا ، وفي النّون أن تكون للمتكلّم (٣) ، ومعه غيره ، مذكّرا كان أو مؤنّثا أو مختلطا أو للمعظّم نفسه ، ولو ادّعاء ، وفي الياء أن تكون للغائب المذكّر واحدا كان أو اثنين أو جماعة أو لجمع الغائبات ، وفي التاء أن تكون للمخاطب واحدا كان أو اثنتين أو جماعة ، مذكّرا كان أو مؤنّثا ، أو للغائبة أو للغائبتين.
وبهذا يظهر أنّ تعبير المصنّف «بأنيت» أنسب بالنسبة التضعيفية من تعبير غيره بنأيت وأتين وأنتي ، وغيره ذلك ، وإنّما اشترطنا هذا الشرط ، لأنّ هذه الحروف بعدمه توجد في الماضي ، نحو : أكرمت زيدا ، ونصبت العلم ، ويممت عمرا ، وتمّمت الكتاب ، فلا يصحّ حينئذ أن يميّز بها المضارع ، ولا يكون مختصّا بها.
فعل الأمر ، تحقيق نفيس في زمان فعل الأمر : «أو» يقترن «بالحال» وقد عرفت معناه «فقط» بفتح القاف وسكون الطاء ، أي فحسب. «وضعا فأمر» فخرج بقيد الوضع المضارع ، فإنّه وإن دلّ في بعض الأحيان على الحال فقط ، إلا أنّه في أصل الوضع
__________________
(١) المصدر السابق ، ص ١٨٥.
(٢) «الجنى الداني في حروف المعاني» كتاب للشيخ بدر الدين حسن بن قاسم المرادي. كشف الظنون ١ / ٦٠٧.
(٣) وفي النّون أن تكون للمتكلّم سقطت في «ط».