وقوله في المثل : (وشذ : أصبح ليل (١) وأطرق كرا (٢) ، وافتد مخنوق) والبصريون يتأولون الآية ، بأنه مبتدأ ، بأن الحديث يروى بالمعنى ، وأما الأمثال فشاذة ، وقال بعضهم : إنهم يشهرونها بالشذوذ لتسير في الآفاق ، وأصل المثل ، في (أصبح ليل) لأم جندب زوج امرئ القيس تبرما به ، لأنه كان مبغضا للنساء ، وهو يضرب مثلا في شدة طلب الشيء ، وروي أنه سألها عن سبب فركهنّ له (٣) فقالت له : لأنك ثقيل الصدر خفيف العجر ، سريع الإراقة ، بطيء الإفاقة ، وأما (أطرق كرا) ففيه شذوذان ؛ أحدهما : أنه حذف حرف النداء من اسم الجنس ، والثاني ترخيم النكرة ، لأن أصله (كراون) فرخم بحذف الألف والنون ، وقلبت الواو ألفا على اللغة القليلة ، وقد قيل إن (كرا) غير مرخم وهو اسم لذكر (الكروان) وأصل المثل (٤) أنه رقية لصيد (الكرا) يقولون : (أطرق كرا إن النعام في القرى) (٥) ما إن رأى هذا (كرى) وصار مثلا لمن
__________________
(١) ينظر مجمع الأمثال ١ / ٤٠٣ ، والكتاب ٢ / ٢٣١ ، وشرح المفصل ٢ / ١٦ ، وشرح الرضي ١ / ١٦٠.
(٢) ينظر اللسان مادة (طرق) ٤ / ٢٦٦٤ ، ومجمع الأمثال ١ / ٤٣١. وقال : أطرق كرا إن النعامة في القرى ، والكتاب ٢ / ٢٣١ ، وشرح المفصل ٢ / ١٦ ، وتذكرة النحاة ٥٣٤.
(٣) الفرك معناه الكره.
(٤) ينظر شرح الرضي ١ / ١٦٠.
(٥) وفي اللسان ٤ / ٢٦٦٤ ، ويروى فيه شعرا ، وهو من مجزوء السريع هو مثل على صيغة شعر ويروى هكذا :
أطرق كرا أطرق كرا |
|
إن النعام في القرى |
ويضرب مثلا للمعجب بنفسه.