وهذا صحيح فى عهد التأليف الأول وعند عبد القاهر الذى لم يفرق بين المصطلحين ، لأنهما عنده يعبر بهما عن فضل بعض القائلين على بعض من حيث نطقوا وتكلموا وأخبروا السامعين عن الأغراض والمقاصد وراموا أن يعلموهم ما فى نفوسهم ويكشفوا لهم عن ضمائر قلوبهم (١) ، أما القزوينى فالأمر عنده مختلف ، لأنّ مصطلحات البلاغة استقرت فى عهده وأصبح للفصاحة والبلاغة محتوى واضح. والفصاحة والبلاغة عند القزوينى تقع كل واحدة منهما صفة لمعنيين :
الأول : الكلام كما فى «قصيدة فصيحة أو بليغة» ، و «رسالة فصيحة أو بليغة».
الثانى : المتكلم كما فى «شاعر فصيح أو بليغ» ، و «كاتب فصيح أو بليغ».
وتحدث عن فصاحة اللفظة المفردة ، وقال إنّ الفصاحة تقع صفة للمفرد فيقال «كلمة فصيحة» ولا يقال «كلمة بليغة». ووضع للفظة المفردة شروطا هى خلوصها من :
١ ـ تنافر الحروف : والتنافر منه ما تكون الكلمة بسببه متناهية فى الثقل على اللسان كما روى أنّ أعرابيا سئل عن ناقته فقال : «تركتها ترعى الهعخع». ومنه ما دون ذلك كلفظة «مستشزر» فى قول امرئ القيس :
غدائرها مستشزرات إلى العلى |
|
تضلّ العقاص فى مثنّى ومرسل |
ولم يشرح القزوينى هذا التنافر ولم يذكر علته ، وكان ابن سنان قد علله بقوله : «وعلة هذا واضحة وهى أنّ الحروف التى هى أصوات تجرى من السمع مجرى الألوان من البصر ولا شكّ فى أن الألوان المتباينة إذا جمعت
__________________
(١) دلائل الإعجاز ، ص ٣٥.