زمانا حتى ملّته زوجته ، فمرّ بها رجل ، وكانت ذات خلق وأوراك فقال لها : كيف مريضكم ، فقالت : لا حيّ فيرجى ولا ميت فينعى ثم قال لها : هل يباع الكفل؟ قالت : نعم ، عما قليل ، وذلك بمسمع من صخر فقال لها : أما والله لئن قدرت لأقدمنّك قبلي ، وقال لها : ناوليني السيف أنظر إليه هل تقلّه يدي ، فناولته فإذا هو لا يقلّه فقال :
أرى أمّ صخر لا تملّ عيادتي |
وملّت سليمى موضعي ومكاني |
|
فأيّ امرئ ساوى بأم حليلة |
فلا عاش إلّا في شقى وهوان |
|
أهمّ بأمر... |
.. البيت |
وقوله : أهم بأمر الحزم. مراده قتل زوجته. و «لو» للتمني ، والنزوان : بفتح النون والزاي ، مصدر ، نزا الحمار ينزو على أنثاه ، إذا وثب عليها للجماع. والشطر الأخير مثل يضرب في منع الرجل مراده. والبيت ذكره ابن هشام في المغني تحت عنوان «الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة ، وهي أحد عشر. والحادي عشر هو البناء ، وذلك في ثلاثة أبواب : أحدها ، أن يكون المضاف مبهما ، كغير ومثل ، ودون. وفي البيت الشاهد قوله «حيل بين العير» على أن «بين» مفتوح الآخر فتحة بناء ، ووقع نائب فاعل. ولكن قال الدّماميني : إن التأويل في هذا البيت متعيّن ، إذ لا سبيل إلى أن يقال بأنّ فتحة «بين» فتحة بناء ، لأنه مضاف إلى معرب ، فيجب التأويل ، بأن يدعى أن النائب عن الفاعل ضمير مصدر مقرب معهود ، والمعنى : حيل الحول بين العير والنزوان. [شرح أبيات المغني / ٧ / ١١٦ ، والخزانة / ١ / ٣٤٨ ، والأصمعيات / ص ١٤٦ ، واللسان «نزا»].
(١٢٤) أنّى جزوا عامرا سوأى بفعلهم |
أم كيف يجزونني السّوأى من الحسن |
|
أم كيف ينفع ما تعطي العلوق به |
رئمان أنف إذا ماضنّ باللّبن |
الشاعر أفنون ، ظالم بن معشر من شعراء تغلب في الجاهلية.
وقوله : أنّى جزوا. استفهام تعجبي. وأنّى : بمعنى كيف. والواو : ضمير عشيرته. وعامر : أبو القبيلة ، والمراد هنا القبيلة ، وصرفه باعتبار الحيّ. والباء : للمقابلة.
والسّوأى : نقيض الحسنى ، مؤنث الأسوأ. ولأجل القافية قابل السوأى بالحسن ، وحقه «الحسنى». يقول : أتعجب لقومي كيف عاملوا بني عامر بالسوء في مقابلة فعلهم الجميل.