وفي حديث آخر : من أراد أهل المدينة بدَهم : أي بغائلة ، وأمر عظيم ، وجَيْشٌ دَهمٌ : أي كثير. وأتتكم الدَّهماء ، يقال : أراد الدَّهماء : السوداء المُظلمة ، ويقال : أراد بذلك الداهية يذهب إلى الدُّهيم : اسم ناقة.
وقال ابن السكّيت : يقال : دَهِمَهُم الأمرُ يَدْهَمُهُم ، ودَهِمتْهم الخيل.
قال : وقال أبو عُبَيْدة : ودَهَمَهُم يَدْهَمُهُم لغة.
وقال اللّيث : الدَّهْماء : الجَماعةُ من الناس.
أبو عُبيد ، عن الكسائيّ : يقال : دخَلتُ في خَمَرِ الناس : أي في جَماعتهم وكَثْرَتِهم ، وفي دَهْمَاء الناس أيضاً مثُلُه وأنشَد غيرُه :
فقَدْناكَ فِقْدَانَ الرَّبيع ولَيْتَنا |
فَدَيْنَاك مِنْ دَهْمَائِنا بأُلُوفِ |
وقال الليث : الدَّهماء القِدْرُ ، والدَّهْماء : سَحْنَةُ الرجل ، والدَّهْماء : بَقلْة وقال ابن شُمَيل : الدَّهْماء : السَّوْداء من القُدُور ، وقد دَهَمتْها النارُ.
وقال حُذَيفَة وذكَر الفِتْنة فقال : أتَتْكم الدُّهَيْماء تَرْمِي بالنَّشفِ ثمّ التي تليها ترْمي بالرَّضْف.
قال أبو عُبَبْد : قوله : الدُّهَيْماء ترْمي بالنَّشْف نُراه أراد الدَّهماء فصغَّرها.
وقال شَمِر : أراد بالدَّهْمَاء السَّوْداء المُظْلِمة ، ومثله حديثه الآخر : لتكونَنَّ فيكُمْ أَرْبَعُ فِتَن : الرَّقْطاء ، والمُظْلِمة ، وكذا وكذا ، فالمظلِمة مِثلُ الدَّهْمَاء.
قال : وبعض النّاسِ يَذهَب بالدُّهَيْماء إلى الدُّهَيم ، وهي الداهية ، وقيل للدَّاهية : دُهَيم : أنَّ ناقةً كان يقال لها : الدُّهيْم ، غَزّا قومٌ من العَرَب قوماً فقُتِل مِنهم سَبْعَةُ إخْوَة فحُمِلُوا على الدُّهيْم ؛ فصارت مثلاً في كلّ داهية.
وقال شَمِر : سمعت ابن الأعرابيّ يَروِي عن المفضَّل أنّ هؤلاء بنو الزبّان بن مُجَالِد ، خرجوا في طلب إبلٍ لهم ، فلقِيَهم كثيف بنُ زهَير فضَرَب أعناقَهم ، ثم حَمَل رؤوسهم في جُوالق ، وعلَّقه في عُنُق ناقة يقال لها : الدُّهَيمُ ، وهي ناقة عَمرو بن الزّبان ، ثمّ خلّاها في الإبل ، فراحت على الزبّان ، فقال لمّا رأى الجُوالق : أظُنُّ بَنِيَّ صاروا بيض نعام ، ثمّ أَهْوَى بيَدِه فأَدخَلها الجُوالق ، فإذا رأسٌ ، فلما رآه قال : آخر البَزِّ على القَلُوص ، فذهَبَتْ مَثَلا ، وضَرَبت العربُ الدُّهيْمَ مَثَلاً في الشّرّ والدّاهية.
وقال الراعي يَذكُر جَوْرَ السُّعاةِ :
كَتَبَ الدُّهيْمَ من العَداء لِمُسْرِفٍ |
عَادٍ يريد مَخانَةً وغُلُولَا |
وقال الكميت :
أهْمَدانُ مَهْلاً لا يُصبِّح بيوتَكُمْ |
بجُرْمكم حِملُ الدُّهيْم وما تَزبِى |
وهذا البيت حُجَةٌ لما قاله المُفضَّل.
يقال : هَدمَه ودَهدَمَه بمعنًى واحد. قال العجاج :
وما سُؤالُ طَلَلٍ وأَرْسُمِ |
والنُّؤي بعدَ عَهدِه المُدَهْدَمِ |
يعني الحاجزَ حولَ البيت إذا تَهدَّم. وقال :