ورَوَينا عن ابن الزُّبير أنّه كان إذا سَمع صوتَ الرّعد لَهِيَ عن حديثه.
قال أبو عبيد : قال الكسائيّ والأصمعيّ : قولُه لَهِيَ عن حديثه ، يقول : تَركه وأَعرَضَ عنه. وكلُّ شيء تركتَه فقد لَهِيت عنه.
وأَنشد الكسائيّ :
إلْهُ منها فقد أَصابَك مِنها*
قال : وقال الأصمعيّ : لَهِيتُ مِن فلان وعنه فأَنا أَلْهَى.
وقال الكسائيّ : لَهِيتُ عنه لا غيْرُ. وقال : إلْهَ منه وعنه.
وقال ابن بزرج : لَهِيت منه وعنه. قال : ولَهوْتُ ولَهِيتُ بالشيء ، إذا لَعِبتَ به ، وأنشد :
خلعتُ عِذارَها ولهِيتُ عنها |
كما خُلِعَ العِذارُ عن الجَوادِ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : لَهيتُ به وعنه : كرِهْته ، ولهوْتُ به : أحبَبْته ، وأنشد :
صَرَمَتْ حِبَالَكَ فالْهَ عنها زَينبُ |
ولقد أطلتَ عتابَها لو تُعْتِب |
لو تعتب : لو تُرضيك.
وقال إبراهيم بن عرفة النحويّ في قول الله جلّ وعزّ : (لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ) [الأنبيَاء : ٣] أي مُتشاغلة عمّا يُدْعَوْن إليه.
قال : وهذا من لَهِيَ عن الشيء يَلهَى إذا تشاغل بغيره.
قال : وهذا من قول الله جلّ وعزّ : (فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) [عَبَسَ : ١٠] أي تتشاغل ، والنبيّ صلىاللهعليهوسلم لا يَلْهو ، لأنّه قال : «ما أنا مِن دَدٍ ولا الدَّدُ مِنَّي». ورُوِي عن عمرَ أنّه أخَذ أربعمَائة دينار فجعَلَها في صُرّة ثم قال للغلام : اذهَبْ بها إلى أبي عبيدة بنِ الجَراح ، ثم تَلَهَ ساعةً في البيت ، ثم انظر ماذا يَصنَع ، قال ففرَّقَها.
قال شمر : قوله : تَلَهَ ساعةً : التلهِّي بالشيء : التعلُّل به والتمكُّث ، يقال : تلهيْتُ بكذا ، أي تعلّلتُ به وأَقمتُ عليه ولم أفارِقْه. وتَلهت الإبلُ بالمَرعَى ، إذا تعلّلتْ به ، وأَنشد :
لنا هَضَباتٌ قد ثَنَيْن أكَارِعاً |
تَلَهَّى ببَعْض النجم والليل أبْلَقُ |
يريد ترعَى في القمر ، والنجم : نَبتٌ ، وأراد بهَضَبات هاهنا إِبلاً ، وأنشد شمر لبعض بني كلاب :
وساجِيَةٍ حَوْراءَ يَلْهو إزَارُها |
إلى كَفَلٍ رابٍ وخَصْرٍ مُخصَّرٍ |
قال : يلهو إزارُها إلى الكَفَل فلا يفارِقُه ، قال : والإنسان اللّاهي إلى الشيء ، إذا لم يفارِقْه ولَهِيَ عن الشيء وتلَهَّى عنه ، إذا غَفَل عنه.
قال شمِر : ويقال : قد لاهَى فلان الشيء إذا داناه وقاربه ، ولاهى الغلامُ الفِطامَ ، إذا دَنَا منه. وأنشد قول ابن حِلّزة :
أتَلهَّى بها الهواجِرَ إذْ ك |
لُّ ابنِ هَمٍّ بَليَّةٌ عَمْياءُ |
قال : تَلهِّيه بها : ركوبُه إياها ، وتعلُّلُه بسَيْرها. وقال الفَرَزْذَق :
ألا إنما أفنى شبابَي فانقَضَى |
على مَرِّ ليلٍ دائبٍ ونهَارِ |