وأما مُجَاهِدٌ فإِنه قال ـ في قوله : عزوجل : (خِتامُهُ مِسْكٌ) ـ قال : مِزَاجُهُ مِسْكٌ.
وقال ابنُ مَسعودٍ : عَاقِبَتُهُ طَعْمُ المِسْكِ.
وقال الفَرَّاءُ : قرأَ عَلِيٌّ : (خاتمه مسك).
وقال : أما رَأَيتَ المرأَةَ تقول لِلْعَطَّار : اجْعَلْ لي خَاتِمَهُ مِسْكاً .. تريد آخِرَهُ؟ قال ذلك عَلْقَمَةُ.
قال الفرَّاء : والْخَاتَمُ والْخِتَامُ : متقاربان في المعنى ، إِلَّا أن الْخَاتَمَ : الاسْمُ ، والخِتَامَ : المَصْدَرُ.
وقال الْفَرَزْدَقُ :
فَبِتْنَ جَنَابَتَيَّ مُصَرَّعَاتٍ |
وَبِتُّ أَفُضُّ أَغْلَاقَ الْخِتَامِ |
قال : ومِثْلُ الْخِتَامِ والْخَاتَم : قَوْلُكَ للرَّجُل : هو كَرِيمُ الطَّابَع والطِّبَاعِ.
قال : وَتَفسِيرُه : أَنَّ أَحَدَهُمْ إذا شَرِب وجَدَ في آخِرِ كأْسِهِ رِيحَ المِسْكِ.
وقوله جلّ وعزّ : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزَاب : ٤٠] معناه : آخِرُ النَّبِيِّينَ. ومنْ أَسمائِهِ «الْعَاقِبُ» أَيضاً ـ مَعْنَاهُ آخِرُ الأنْبِيَاءِ.
وقال اللِّحْيَانِيُّ : هو الْخَاتَمُ ، والْخَاتَامُ ، والْخَيْتَامُ.
وأَنشد غيرُه :
وَأُعْرِ مِنَ الْخَاتَامِ صُغْرَى شِمَالِيَا
ونَهَى النبي صَلَى الله عليه وسلم عَنِ التَّخَتُّمَ بالذَّهَبِ.
ويقال : فلانٌ خَتَمَ عليك بَابَهُ ـ أي أَعْرَضَ عنك وخَتَمَ فلانٌ لك بَابَهُ ـ إذا آثَرَك على غيرك .. وخَتَمَ فلانٌ القُرْآنَ ـ إذا قَرأَهُ إلى آخرِهِ.
ثعلب عن ابن الأعرابيِّ : ـ جَاء فلانٌ مُتَختماً ـ أَيْ : مُتَعَمِّماً ومَا أَحْسَنَ تَخَتُّمَهُ!!!
وقال ابن شُمَيْل : قال الطَّائِفِيُّ : الخِتَامُ أن تُثَار الأرضُ بالبَذْرِ حتى يصيرَ البذرُ تحتَها ، ثم يُسْقُونها ، يقولون : خَتَمُوا عليه.
قلتُ : أصلُ الخَتْم : التغطيةُ ، وختْمُ البَذْر تغطيتُه.
ولذلك قيل للزَّارعِ : كافِرٌ .. لأنه يغطِّي البَذْرَ بالتراب.
وقال ابنُ الأعرابيِّ : الْخُتُمُ فُصُوصُ مفاصِلِ الْخَيْل .. واحِدُها خِتَامٌ ، وخَاتَمٌ.
قال : والخَاتَمُ والخَاتِمُ : من أسماء النبي صَلَى الله عليه وسلم.
ومعناه : آخِرُ الأنبياء ، وقال الله تعالى : (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) [الأحزَاب : ٤٠].
تخم : رُوِي عن النبي صَلَى الله عليه وسلم أنه قال : «مَلْعُونٌ مَنْ غَيَّرَ تُخُومَ الأرْضِ».
قال أبو عبيد : التُّخُومُ هي الحُدُودُ والْمَعَالِمُ.
قال : والْمَعْنَى من ذلك يقع في موضعين : أحدهما : أن يكون ذلك في تغيير حُدُودِ الحَرَمِ .. التي حَدَّها إبراهيمُ صَلَى الله عليه وسلم.
والمعْنَى الآخرُ : أن يدخلَ الرجُلُ في مِلْكِ غيره من الأرض ، فيقتطِعَهُ ظلماً.