قال بعضُ النَّحْوِيِّينَ : كُفَّ نُونُ «خَظَاتَانِ» ـ كما قالوا : «اللَّذَا» ، وهُمْ يُرِيدون «اللَّذَانِ».
وقال الأَخْطَلُ :
أَبَنِي كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا |
قَتَلَا المُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلَالا |
وقيل : بل أُخْرِجَتْ على أصل التصريف.
كما يقال ـ للذكر ـ «خَظَا» .. قالوا : للمرأتين : «خَظَاتَا» .. لأن الواحدة يقال لها : «خَظَتْ ، وغَزَتْ» ـ فَتُسْقِطُ الألِفَ التَّاءُ فلما تحركَتِ التَّاءُ في قولكَ : «خَظَتَا وَغَزَتَا» كان في القياس : أن تُتْرَكَ الألِفُ مكانها «خَظَاتَا وَغَزَاتَا» ولكنهم بَنَوُا التثنيةَ على عَقِب فِعْلِ الْوَاحِدِ .. فَأَلْزَمُوا طَرْحَ الألِف ، وكان في «خَظَاتَا» رِوَايةٌ على هذا الْقِياس ـ فافهم.
فإذا جَمَعْتَ «الْخَظَاةَ» بالتاء. قلتَ : خَظَوَاتٌ لأنَّ أَصْلَها الواوُ.
أبو عبيد ـ عن الفراء ـ : «خَظَا» و «بَظَا» و «كَظَا» ـ بغير هَمْزٍ ـ يعني اكتنزَ. ومِثْلُه : «يَخْظُو ، ويَبْظُو ، ويَكْظُو».
وقال شمر : يقال «خَظَا يَخْظُو خَظْواً» و «بظا يبظو بَظْواً».
وأنشد :
بِأَيْدِيهِمْ صَوارِمُ مُرْهَفَاتٌ |
وكُلُّ مُجَرَّبٍ خَاظِي الْكُعُوبِ |
قال : والْخَاظِي : الْغَلِيظُ الصُّلْبُ.
وقال الهُذَلِيُّ يصفُ حِماراً :
خَاظٍ كَعِرْقِ السِّدْرِ يَسْ |
بِقُ غَارَةَ الْخُوصِ النّجَائِبِ |
وأخبرني المنذريُّ ـ عن ثعلب عن ابن الأعرابيِّ ـ أنه قال ـ في قول امرىء القيس :
لَهَا مَتْنَتَانِ خظاتَا
أراد : «خَظَاتانِ» .. فأسقط النون. وقال أبو الهيثم : يقال فرس خَظٍ بَظٍ.
ثم يقال : خَظَا بَظَا ـ وكذلك خَظِيَةٌ بَظِيَةٌ.
ثم يقال : خَظَاةٌ بَظَاةٌ ـ تُقْلَبُ الياءُ أَلفاً ساكنة .. على لغة طَيِّيءٍ. وأنشد :
وَمَتْنَانِ خَظاتَان |
كَزُحْلُوفٍ مِنَ الهَضْبِ |
أراد «خَظِيَتَانِ». وأنشد :
أَمْسَيْنَا أَمْسَيْنَا |
وَلَمْ تَنامِ الْعَيْنَا |
كان أصله : «ولَمْ تَنَم الْعَيْنَانِ».
فلما حَرَّك المِيمَ لاستقبالها اللامَ : رَدَّ الأَلِفَ وأنشد :
مهْلاً ـ فِداءٌ لَكَ يا فَضَالهْ |
أَجِرَّهُ الرُّمْحُ ولَا تُهَالَهْ |
أراد : «ولا تُهَلْهُ».
وقال آخَرُ :
حَتَّى تَحَاجَزْنَ عَنِ الذُّوَّادِ |
تَحاجُزَ الرِّيِّ وَلَمْ تَكادِ |
أراد : ولم تَكَد
فلما حَرَّكَتِ القافيةُ الدالَ : ردَّ الألف.
قلت : وأما قولهم : حَظِيَتِ المرأةُ وبَظِيَتْ ـ من الْحُظْوَةِ ـ فهو بالحاء .. ولم أسمع فيه الخاء.