وأنشد :
فَإنْ تَكْتُمُوا الدّاءَ لا نَخْفِهِ |
وَإِنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُدِ |
ورَوَى سَلَمة عن الفرَّاء : في قوله عزوجل : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ).
«مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ» ـ أي : مُسْتَتِرٌ. «وَسارِبٌ بِالنَّهارِ» ـ أي : ظاهر.
كأنه قال : الظاهر والخفيُ عنده ـ جلّ وعزّ ـ : واحِدٌ.
وقال في قوله جلّ وعزّ : (أَكادُ أُخْفِيها) [طه : ١٥] : في التفسير : «.. مِنْ نَفْسي .. فكيف أطلِعُكم عليها»؟.
قلتُ : وقول الأخفَش : «المُسْتَخْفي : الظاهِرُ» .. خطَأٌ عند اللُّغَوِيِّينَ.
والقول ما قال الفرَّاءُ.
وأما «الاختِفَاءُ» فله معنيان : أحدُهما : بمعنى الاستخراج.
ومنه قيل للنَّبَّاش : المُخْتفِي.
والثاني : بمعنى «الاسْتخْفاء» .. وهو الاسْتِتَار.
وجاء «خَفِيتُ» .. بمعنيين متضادّين.
وكذلك «أَخفَيْتُ» فيما زعم أبو عبيدة.
وكلامُ العرب الجيِّدُ : أن يقال : خفَيْتُ الشيء أَخْفِيهِ ـ أي : أظهرْتُهُ.
وقال امرُؤُ القيْس :
خَفَاهُنَّ مِنْ أَنْفَاقِهِنَّ كأَنَّما |
خفَاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ سَحَابٍ مُرَكَّبِ |
وأَخفَيْتُ الشيءَ ـ أي : ستَرْتُه.
قال الله جلّ وعزّ : (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ) [البَقَرَة : ٢٨٤].
معناه : أو تُسِرُّوهُ.
واختَفَيْتُ الشيءَ ـ أي : أظهرتَه ، واستخْفَيْتُ منه ـ أي : تَوَارَيتُ».
هذا هو المعروف في كلام العرب.
أبو عبيدٍ ـ عن الأصمعيِّ ـ : الْخَافِي : هُم الْجِنُّ. وأنشد :
وَلَا يُحَسُّ مِنَ الْخَافِي بهَا أَثَرُ
وجَمْعُ «الخافي» : خوَافٍ.
قال : والْخَوَافِي ـ من السَّعف ـ : ما دون «الْقِلَبَةِ». وأهل المدينة يسمُّونها : «العوَاهِنَ».
قال : والْخوَافِي : ما دون الرِّيشات العَشْر .. من مقدّمِ الجناح.
قال : والخَفَاءُ ـ ممدود ـ ما خفِيَ عليك.
يقال : بَرِحَ الخَفَاءُ ، وذلك : إذا ظهر وصار في بَرَاحٍ ـ أي : أَمْرٍ مُنْكَشِفٍ.
وقيل : بَرِحَ الخَفَاءُ ـ أي : زالَ الخفاءُ.
والأوّل أَجْود. وقال الليث : الْخُفْيَةُ : من قولك : أَخفَيْت الشيء ـ أي : سترْتُه.
ويقال : خِفْيَةٌ ـ بكسر الخاء.
قال : ولَقِيتُهُ خَفِيّاً ـ أي : سِرّاً.
والخَافِيَةُ : نَقِيضُ العَلانية. قال : والْخَفَا ـ مقصور ـ : هو الشيء الْخافي .. وهو : الموضِعُ الْخافي.
وأَنْشَدَ :